أبرز الاحداثفلسطين المحتلة

جنين .. “إسرائيل” أخفقت!

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

لم تكن العملية العسكرية الإسرائيلية، المحدودة زمانيا ومكانيا في جنين، رغم زخمها القوي، مفاجئة. المقاومة كانت تتوقعها في أي وقت، مع احتمال أن تكون رقعتها أوسع لتشمل كامل شمال الضفة.
ما سبق الهجمة الإسرائيلي، التي أعد لها لفترة ليست بقصيرة، كان يؤشر إلى تعامل العدو مع تحد أمني واضح المعالم، يتمثل بتصاعد عمل المقاومة وولادة نواة تنظيمية وهيكلية لها وبفصائلها كافة، مع تصدر كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس المشهد.
ما كان يعد ويجري في شمال الضفة تحديدا، وعلى امتدادها، نظر إليه إسرائيليا على أنه جزء متصل بالتهديدات التي تخيط به وتتصاعد إن شمالا أو جنوبا، أو في ساحات أخرى، وهو ما عمق مأزق التعامل معه خصوصا لارتباطه بالمستجد الأبرز وهو وحدة الجبهات، التي اختبرها أكثر من مرة.
وعليه، كان واضحا أنه سيقدم على عمل، يحاول من خلاله تحقيق ولو قدر بسيط من استعادة الردع، وهو ما ألمح إليه بل تحدث به عدد من قادته السياسيين والأمنيين.
مع بدء الهجمة باتجاه جنين، لوحظ أن العدو لا يريد الذهاب نحو تصعيد شامل، لأسباب عدة، مع ضرورة تحقيق الهدف المتعلق بضرب الهيكل التنظيمي للمقاومة في جنين، وعليه نفذ هجوما عسكريا محدودا مكانيا وبمدة زمنية.
الهدف الرئيس هو تفكيك البنية التنظيمية للمقاومة التي تتموضع في جنين وتطلق أعمالها النضالية منها.
لكن تحقيق هدف مثل هذا يعني عملية ضرورة الذهاب نحو عملية شاملة مع الوضع بعين الاعتبار الاستعداد لاحتمال قوي بتدحرج الأمور إلى ساحات أخرى، وعليه اختار العمل المحدود كنوع من المحاولة، للوصول إلى البنية التنظيمية للمقاومة وضربها، وهو ما لم يحصل.
من راقب مشهد العملية العسكرية، كان يلاحظ التردد الإسرائيلي، رغم ارتفاع مستوى ومتسوب التهويل الإعلامي. مرد التردد يعود إلى الخشية من انزلاق الأمور.
لم يكن واضحا ما يريد من خلال تصريحاته، لكن إذا ما نظرنا إلى خطابه وتقييماته خلال المرحلة الماضية، يتضح أن الهدف تفكيك البنية التنظيمية للمقاومة.
في العملية أيضا، كلا ملاحظا أن المقاومة ورغم إمكناتها المحدودة، وعبر تكتيكاتها، نحجت في صد الهجمات، بل ومنعت العدو من تحقيق أهدافه بمجملها، وحافظت على تماسكها، وتنظيمها، وادارت عملية بأس جنين بكثير من الدقة، خصوصا مع استيعابها للضربة الأولى الاي أقدم عليها سلاح الجو الإسرائيلي كمقدمة لهجومه البري، وادعى فيها ضرب غرفة العمليات الرئيسية.
أمام ما تقدم، ومن خلال إعلان العدو عن تحقيق أهداف عمليته، المبهمة، واستعراضه لعتاد عسكري وأموال وعبوات، يمكن الحسم بأن “إسرائيل” أخفقت في هذه الجولة من تحقيق هدفها الرئيس القاضي بتفكيك البنية التنظيمية للمقاومة، والاختبارات للفشل سنشهدها خلال المرحلة المقبلة مع استئناف المقاومة عملياتها، خصوصا النوعية منها.
ويبقى القول: إن استعادة الردع لا يمكن أن يبدأ من جنين، بل إن العدو بات مجبرا على التعاطي مع الوقائع المستجدة في الضفة، كما يتعاطى مع الوقائع عند الجبهتين الشمالية والجنوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى