أبرز الاحداثايران

واشنطن “تتحرش” في مضيق هرمز .. ما هدف تعزيز الوجود العكسري في المنطقة؟!

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

عام 2019، شهد بحر عمان ومضيق هرمز تحديدا، أحداثا حملت دلالات هامة، خلاصتها كان فشلا أميركيا في وضع يد في المضيق الاستراتيجي.

للتذكير، حصلت في تلك الفترة تفجيرات بحرية “مجهولة الفاعل” استهدفت ناقلات نفط، كانت واشنطن تتهم إيران قبل أن تقدم الأخيرة على إسقاط المسيرة الأميركية الشهيرة وتوقف ناقلة نفط ردا على توقيف إحدى ناقلاتها في مضيق جبل طارق كانت متوجهة إلى سوريا.

جل ما خرج به الأميركيون، يومها، هو إنشاء تحالف لمراقبة الملاحة البحرية مقره المنامة، دون أن يتوسع عمله لأسباب جمة على رأسها موازين القوى في تلك المنطقة، وتمسك طهران بحقها القانوني في الإشراف على المضيق، وتركيزها على الشراكة مع دول المنطقة في تأمين أمنها البحري وغير البحري، رافضة التدخل الأجنبي على رأسه الأميركي.

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، خفف الأميركيون اهتماما علنيا، لكن الحوادث البحرية لا زالت تقع، ولو بأساليب أخرى وهي نتيجة التحرشات الأميركية دائما.

تستغل واشنطن أي حدث يقوم به الإيرانيون للتصويب على طهران، ووضعه في سياق “التخريب” و “التهديد” البحري، ناهيك عن اختلاق حواث وفبركتها كضبط سفن تحمل أسلحة إلى اليمن، وهو ما تدحضه الوقائع، لكن ثمة أهداف أميركية من وراء إبقاء التصويب على طهران بهذا الشكل المستمر.

قبل أيام، أعلن البنتاغون عن زيادة الوجود الأميركية في المنطقة، ووضع الامر في سياق القدرة على الاستجابة السريعة لأي “استفزاز” وردع أي “عدوان إيراني”، حسب وصفه.

من جهته، أشار المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي جون كيبري إلى أن “مضيق هرمز ممر حيوي بالنسبة للتجارة العالمية”، وقال: “رأينا تهديدات من إيران للتأثير عليه”.

تعزيز الوجود العسكري الأميركي وإعادة طائرات مقاتلة متطورة إلى المنطقة، الذي ترفضه طهران بطبيعة الحال، تزامن مع أمور أخرى، منها الاشتباك السعودي الكويتي من جهة وإيران من جهة أخرى، حول حقل الدرة، ولو كان للامر بعداً دبلوماسيا حاداً، وكذلك عودة الحديث الخليجي عن الجزر الثلاث التي تزعم الامارات أنها تعود إليها، وعدم تردد تلك الدول في تضمين بيانات قمم تعقدها مع دول شرقية وغربية حق الإمارات في الجزر.

في المقابل أيضا، تصعد طهران المتمسكة بالإشراف على مضيق هرمز كحق قانوني دولي ومكافحة تهريب النفط وأمور أخرى، من مناوراتها العسكرية البحرية، آخرها المناورة حملت اسم الشهيد إسحاق دارا وأطلقت من جزيرة أبو موسى وتم خلالها الكشف عن صاروخ كروز يحمل اسم “قدير” وصاروخ فتح ثلاثمئة وستين الباليستي، المزودان بالذكاء الاصطناعي. مكان وتوقيت المناورة حملا رسائل باتجاهات عدة، حتى في الأهداف المعلنة على رأسها حماية الجزر ثمة رسائل، وك1لك حماية الأمن البحري. وما فهم من تصريح العميد حسين سلامة رئيس الحرس الثوري هو أن المناورة تحاكي مخاطر مشاغبة وفتن تقف خلفهما واشنطن وتل أبيب.

من الواضح، من خلال المستجدات القائمة، ربطا بأخرى في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن أن الأميركيين أعادوا رفع منسوب الإهتمام في المنطقة، من بوابات عدة، وهم يحاولون التحرش بطهران من خلال إعادة محاولة وضع يد في مضيق هرمز.

وكما هو واضح، هم يعتقدون أن “المخاطر” لا تأتي من إيران فقط، بل من الصين التي تنافسهم في حلفائهم، وكذلك موسكو، وتعززان شركاتهما مع طهران التي وصلت حد إقامة مناورات بحرية مشتركة قبل مدة حملت عنوان “حزام الأمن البحري”.

إن الخطوة الأميركية، قد لا تعد مؤشراً تصعيديا كبيراً وقد تكون في إطار إعادة تعزيز القوة لأن الإنكفاء سيعني تقدم “الخصوم” في المنطقة، إلا أنها بلا شك تبين أن واشنطن لم تتخل عن محاولاتها لوضع يد “رقابية” في مضيق هرمز، وهو ما لن تقبل أو تتسامح به طهران، والشاهد هو أحداث عام 2019.

أيضا، يمكن وضع الخطوات الأميركية في سياق تعطيل بعض التفاهمات الإقليمية أو تجميدها عند الحدود التي وصلت إليها على رأسها الاتفاق الايراني السعودي على استعادة العلاقات بينهما.

ثمة اعتقاد بأن من بين الأهداف الأميركية هو تعزيز الاحتقان في المنطقة وإبقائها في حالة من التوتر وعدم الاستقرار، وهو ما بدأ يلحظ وبشكل تصاعدي منذ مدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى