جنين صارت غزة .. زمن التنزه انتهى
تحليل – خاص الواقع
“لا يجب أن نكون أمام غزة ثانية”، خلاصة تحليلات وتسريبات إسرائيلية طوال المراحل الماضية. عمليا، تنظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلي جنين، تحديدا مخيمها، على أنها منطقة خارج السيطرة، وأن السلطة هناك ذات سيطرة ضعيفة.
لطالما عبر الإسرائيليون عن مأزق جنين، تاريخيا، جنين “متمردة” لا تنكسر بسهولة، وما إن تراجعت نتيجة العدوان، سرعان ما تعود وتتصدر المشهد، لعوامل عدة تكمن في واقعها.
خلال العام الماضي، تحدث الاسرائيليون عن جنين كمصدر خطورة، قالوا إنها باتت “ملاذا آمنا للإرهاب”، وأن المقاومين فيها يطورون من آدائهم، وهناك خشية من مشروع صواريخ يشبه غزة، وبالتالي نكون أمام تهديد ل “غلاف جنين”، تتساقط عليه الصواريخ كما غلاف غزة.
عمل العدو أمنيا وعكسريا وحصارا لضرب جنين ومقاومتها. ذروة الأمر حصل في عملية “بأس جنين” والتي انتهت بفشل ذريع، عبر عنه العدو رغم الاستعراض الاعلامي بتحقيق أهداف عدة، وهو ما تناقضه الوقائع، إذ ثبتت المقاومة في جنين، وحافظت على هيكلها التنظيمي، وواصلت مراكمة القوة، وباتت تلاعب الاسرائيليين حتى إعلاميا، ويمكن لأي مراقب ملاحظة الأمر من خلال مجريات الأحداث.
مساء السبت، ٥-٨-٢٠٢٣، نفذ مقاوم فلسطيني عملية فدائية في تل أبيب، سرعان ما قال العدو إنه أتى من جنين، ما يعني تخطيه كامل العوائق العسكرية والأمنية والوصول إلى وسط تل أبيب وتنفيذ عمله.
يعني الأمر أن المقاومة هناك وجهت رسالة بالغة الأهمية تتعلق بالاشتباك الأمني. هي أبدت قدرة على خرق منظومة العدو الأمنية، وثبتت له الفشل في منع أعمالها استباقيا.
المشهد الآن، بات يقول إننا أمام غزة ثانية، مع فارق الإمكانات الكبير والواقع الجغيرافي.
جنين، باتت نقطة قوة للمقاومة في فلسطين، وإن استمرت على هذا النحو، وهو ما تؤشر إليه المجريات، فإنها تضع العدو أمام معادلة أمنية صعبة، كما وتضع نفسها بقوة أمام أي حسابات إسرائيلية تتعلق بالحرب في أي مكان.