نتنياهو يتوعد العاروري والأخير يرد .. لعب على المكشوف واحتمال الحرب الشاملة ليس مستبعدا!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
يرتفع منسوب التوتر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعدما حولت المقاومة في الداخل والخارج المواجهة إلى قلب الضفة الغربية، مسجلة نقاط تقدم على العدو الذي ينظر إلى الضفة على أنها قلب الكيان، وإن بقيت عمليات المقاومة في تصاعد، فهذا سيعني حرب استنزاف طويلة ما لم يقدم على خطوات يراها “رادعة”.
وعليه، عاد قادة العدو إلى التلويح بسياسة الاغتيالات، سواء داخل فلسطين، غزة تحديدا، او خارجها، وهو دونه مطبات وعوائق صعبة وانعكاسات قد تؤدي إلى اشتعال حرب لا تنحصر داخل الأراضي المحتلة.
قبل عامين، لوح العدو – تلميحا – إلى إمكانية اغتيال يحيى السنوار. الرسائل وقتها، كانت واضحة بأن عملا من هذا النوع سيؤدي إلى اشتعال الحرب، وبالتالي المنطقة. كان واضحا أن الأمر وضمن معطيات العدو شكل رادعا، لكن الإسرائيليين عملوا لاحقا – أيار الماضي – على اغتيال قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في غزة، ما أدى إلى اشتعال مواجهة امتدت لأيام، وكادت أن تتوسع لولا تراجع العدو وتقديمه ضمانات بعدم التعرض إلى أفراد، في إشارة إلى عمليات الاغتيال.
مؤخرا، ومع تصاعد عمليات المقاومة في الضفة، وتمكن الأخيرة من بناء هيكل تنظيمي لها مرتبط بفصائل المقاومة خارج الضفة، عاد العدو إلى التلويح بالاغتيال، لما يراه حلا لكبح جماح العمليات، علما أن التجارب أثبتت ان المقاومة تعمل وفق منظومة ولا تتأثر باغتيال الأشخاص.
قد يكون أي عمل من هذا النوع حاجة إسرائيلية، سواء للجانب الأمني الذي يؤخذ عليه التراجع أمام تهديدات حزب الله وحماس، أو نتنياهو الغارق في الأزمة الداخلية التي انعكست سلبا على الحياة السياسية ووصلت حد الجيش ولو من بوابة الاحتياط.
بعد عملية الخليلالأخيرة وتبني القسام لها كما عمليات أخرى، حط نتنياهو هناك وقال إن الكيان في “مواجهة مع إيران وأذرعها”، حسب وصفه، وبعدها عمد العدو إلى بث تسريبات حول العودة عن تعهد عدم التعرض للأفراد وتنفيذ اغتيال، وصب التصويب الإسرائيلي عند صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عبر اتهامه بالوقوف خلف ما يجري في الضفة.
ما كانت ضمن تسريبات وتحليلات بات حديثا رسميا بعد تصريح نتنياهو الذي صوب نحو العاروري متوعدا بوضع حد لما يجري في الضفة، وهو يشير صراحة إلي نوايا بتنفيذ عمل اغتيال، ولو لم يكن العاروري نفسه على رأس اللائحة حاليا.
العاروي رد سريعا، عبر نشر صورة بالبزة العسكرية، ويتحدث عبر هاتف سلكي، وأمامه بندقية تشبه تلك التي بحوزة المقاومين في الضفة.
رد العاروري يعني أن ما يتحدث عنه العدو هو واقع، أي أن المقاومة في الضفة منظمة وتتمتع بروابط خارج الضفة، وأن قرار العمليات لا تراجع عنه خصوصا أن المقاومة في موقع الدفاع عن أرضها وشعبها.
سبق رسالة العاروري عبر الصورة، حديثه عن إن محور المقاومة يتحدث في الغرف المغلقة عن الحرب الشاملة، التي ستزيل إسرائيل، وهو ما عد في إسرائيل استفزازا منقطع النظير، وغير منفصل عن توجهات المقاومات في المنطقة وعلى راسها حزب الله في لبنان.
إن مجمل ما يجري يؤشر إلى أن مأزق الضفة الغربية المحتلة بات كبيرا أمام الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وفشلهما في وأده. وأن محاولة الذهاب نحو اغتيال في الخارج يؤكد على عجز متراكم، ولا يدل على قوة رادعة.
لكن ثمة مطبات كبيرة أمام العدو، فإن ذهب نحو أي عملية اغتيال، فهو يرفع منسوب احتمال وقوع الحرب، خصوصا أن المقاومة في غزة أبلغت الوسيط المصري بموقفها المؤكد على تصعيد العمليات في الضفة، وان أي حماقة إسرائيلية ستعني الذهاب نحو حرب مفتوحة، أدنى طلب لوقفها هو انسحاب إسرائيلي كامل من الضفة الغربية المحتلة.
أما المعضلة الأكبر أمام العدو الإسرائيلي فتبقى في احتمال تدحرج أي مواجهة وتحولها إلى حرب شاملة تتخطى حدود فلسطين، أي تشمل الجبهة الشمالية بل أبعد، وهو يعني جنوح المنطقة بأكملها نحو منعطف خطير، خصوصا بعد تهديدات السيد نصرالله بإعادة الكيان الى العصر الحجري، بل والفناء إذا كانت المواجهة مع المحور.
لا بد من مراقبة مسارات الأمور، فكل الاحتمالات واردة، خصوصا أن نتنياهو وفريقه الأمني يتعرضان لضغوط كبيرة، واحتمال ارتكاب خطأ في التقدير أمر وارد.