إيران وروسيا نحو شراكة دفاعية: مواقف متقاربة اتجاه الشغب الأميركي
تحليل – خاص الواقع
ما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، كانت العلاقة الإيرنية الروسية في الجوانب الأمنية تأخذ مساراً تصاعديا. تجسد ذلك في سوريا، حيث خاض البلدان إلى جانب دمشق حربا ضد الإرهاب المدعوم أميركيا، وتموضعتا في مواجهة السياسيات الأميركية في هذا البلد.
من يعود إلى استذكار مسار تلك الحرب، يلحظ كيف بدأ الدخول الروسي عام 2015 عبر سلاح الجو الذي شكل عاملا مساعدا لقوت البر التي كان المستشارون الأيرانيون وقوى المقاومة عنصرا أساسيا فيها الى جانب الجيش. التنسيق كان يتصاعد بشكل متسارع، وهو أثمر في تحرير مدينة حلب عام 2016 قبل أن يبلغ ذروته في تحرير البادية السورية وصولا إلى مدينة البوكمال أقصى جنوب دير الزور عند الحدود مع العراق. يومها فتحت طهران مطاراتها وأجوائها للقاذفات الجوية الروسية التي كانت تنفذ ضربات في سوريا، وقد شكلت سابقة في العلاقات والتعاون العسكري بينهما.
ما حصل في سوريا كان فاتحة لمزيد من التعاون، وصل حد تضمين بنود الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين جوانب عسكرية وأمنية، بدأت تترجم على الأرض.
في هذا السياق، وبعد الحرب الطاحنة في أوكرانيا، وتزامنا مع توسيع موسكو شراكات عسكرية مع دول مثل كوريا الشمالية، ونتيجة العلاقة الوطيدة مع طهران في غرب آسيا، وتصعيد الشراكة بينهما في سوريا، تأتي زيارة وزير الدفاع الروسي شيوغو إلى طهران على رأس وفد رفيع المستوى، وهو تحدث صراحة عن علاقة استراتيجية آخذة في التطور في مختلف المجالات التقنية والبحرية وأمور أخرى، وكذلك في مستوى التنسيق الأمني بين البلدين والشراكة الدفاعية.
طريقة استقبال وزير الدفاع الروسي في طهران، وتنظيم جولة له للإطلاع على أحدث المنتجات العسكرية الإيرانية، وتأكيد الأخير على أن العقوبات الغربية لا جدوى منها مستشهدا بالعلاقة بين بلاده وإيران، بالإضافة إلى توقيت الزيارة، كلها تحمل رسائل باتجاه الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيون:
- تؤكد موسكو طهران على متانة العلاقة بينهما والعزم على تطويرها سياسيا وعسكريا وأمنيا رغم انتقاد الغرب لها.
- أن البلدين تخطيا العقوبات الغربية التي يتعرضان لها في مختلف المجالات.
- أن التوصل إلى دفاع مشترك هو هدف اسراتيجي وآخذ بالتصاعد.
- أن تبادل الخبرات والتكنولوجيا العسكرية وتوريد السلاح قائم رغم الإنزعاج الغربي منه.
- أن لا حدود للتعاون العسكري بينهما وهي تعد النقطة الأبرز.
- أن التعاون موجه لما فيه مصلحة البلدين وهو عامل استقرار في أكثر من مكان بما في ذلك منطقة غرب آسيا.
- أن التعاون والتنسيق في سوريا سيتواصل وهو آخذ بالتصاعد خصوصا مع وجود قوة احتلال أميركي في هذا البلد تستعدي الطرفين.
لا بد من الإشارة إلى أن واشنطن وعبر وزير دفاعها تصوب باتجاه تنامي العلاقة الايرانية الروسية في المجالات الأمنية والعسكرية، وتعتبرها خطرا على النفوذ الأميركي في منطقة غرب آسيا والمحيط الهندي، وهذه النظرة تتشارك معها أوروبا التي دائما ما تنتقد ما تفترضه من تعاون روسي إيراني في أوكرانيا، حيث تتهم إيران بتزويد موسكو بمسيرات انتحارية فتاكة وأسلحة أخرى.
لا شك أن العلاقة بين البلدين آخذة بالتطور، وهي حاجة لكل منهما خصوصا مع التهديدات العلنية التي يتعرضان لها من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تفتح حربا ضد موسكو في أوكرانيا، وتدعم الارهاب والتخريب داخل إيران وفي محيطها.