الاقليمايران

إيران وأولوية “حسن الجوار” .. صفعة لواشنطن

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

عام ٢٠١٦، لم تكن طهران بوارد قطع العلاقات مع السعودية. في ذروة الاشتباك في المنطقة لم يحصل الأمر من قبلها. الاحتجاج أمام أي خطوة سعودية كان يأخذ الطرقه الدبلوماسية. لكن حادثة القنصلية واقتحام متظاهرين إيرانيين لها، وهو ما أدين رسميا في طهران، شكل حجة للمملكة العربية السعودية لاعلان قطع العلاقات مع الجمهورية الاسلامية، وهو ما سبب ضرراً في المنطقة، باعتراف الجميع.
سجل أن واشنطن غذت الخلاف، وعملت على تهيئة أرضيات له، إما إعلاميا أو عبر مشاغبات أمنية وتحريضية، والسعي إلى تشكيل تحالفات صوبت معظم بياناتها وأهدافها باتجاه طهران وحلفائها.
يمكن فهم الكثير من التوجهات الأمريكية من خلال البيانات الأميركية حول قضايا المنطقة، وبشكل محدد ما صرح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقوله إن دول الخليج تسقط وتنهار دون حماية واشنطن.
وفي ذروة التباعد، كانت اللغة الإيرانية تدور في إطار واحد وهو:مد اليد وضرورة تغليب الحوار على منطق الخصومة أو حتى العدواة، مهما اشتد الخلاف حول قضايا المنطقة.
وعملت واشنطن خلال الأعوام الماضية، على تشكيل ما يشبه الحلف بين “تل أبيب” ودول عربية خليجية. أُعلن التطبيع وبقيت خارج دائرته الكويت والسعودية، وقطر الى حد ما.
طهران، طوال المرحلة الماضية، كانت تكتفي بالتحذير من المساس بأمنها القومي، واستحضار “إسرائيل” إلى المنطقة، لأن تبعات الأمر ستؤثر على الجميع، وبذلك وضعت حدودا لأي مشاغبة، مهما كان مصدرها.
مع انتهاء ولاية الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني ،وفوز الرئيس السيد إبراهيم رئيسي، حدد الأخير عنوانين لسياسة إدارته الخارجية، الأول: مد اليد إلى دول الجوار والحوار معها، وهو ذات أولوية قصوى. والثاني: أن السياسة الخارجية لإيران لا تبدأ من الإتفاق النووي ولا تنتهي به.
على ضوء هذه السياسة، التي تعكس توجه الدولة الايرانية، تحركت الدبلوماسية الايرانية اتجاه الكويت وعمان والامارات وايضا السعودية (العلاقة مع قطر في الأصل جيدة، وكذلك العراق)، وافغانستان واذربيجان).
وشهد عام ٢٠٢١ بداية جلسات الحوار الأمنية السعودية – الإيرانية، في بغداد. وكان يفترض أن يعلن عودة العلاقات الدبلوماسية في وقت مبكر. كان واضحا أن الرياض تتعرض لضغوطات أمريكية، من جهة، ومن جهة أخرى فتح السعودية قنوات تواصل مع “الإسرائيليين”، وفتح الاجواء لطائراتهم “المدنية”.
لكن متغيرات حصلت، بعد موجة الهجوم الأخيرة التي استهدفت الداخل الايراني وإحباطها، وأخرى دولية متعلقة بالحرب في أوكرانيا، دفعت إلى شيء من التهدئة في عدد من الساحات، وتبريد خلافات بين الدول.
وعليه، فإن استعادة الرياض وطهران العلاقات الدبلوماسية بينهما يأتي في سياقين: سياسة ايران الخارجية المبنية على حسن الجوار ومد اليد للحوار. والمتغير الدولي المرتبط بالحرب في أوكرانيا.

وفي المنظور الاستراتيجي، وانطلاقا من ثوابتها اتجاه الوجود الأميركي والتدخل التخريبي في المنطقة، فإن طهران تعتبر أن إصلاح العلاقات بين دول المنطقة، وإدارة شؤونها الأمنية تشاركيا، يؤدي حتما إلى تقليص والحد من النفوذ الأمريكي، الذي ترى فيه خطرا على كافة الدول في منطقتنا، حتى شركاء أميركا أنفسهم.
وعليه، يعتبر الايرانيون أن إتفاق “بكين” هو ضربة للنفوذ الأمريكي على المدى البعيد.
ولتبيان النظرة والتشخيص الايرانيين يكفي رصد ما يصدر من “تل أبيب” التي اعتبرت الاتفاق ضربة لها ولواشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى