الواقع الفني والاجتماعي

أين العرب من السينما العالمية؟!

علي فوعاني – مخرج وناقد سينيمائي | خاص – الواقع

لا شك بأن السينما الغربية الحديثة يصعب منافستها، الا أن ذلك لا يعني الاستحالة، فتظل العقول العربية المشبعة فنياً هي ملاذنا نحو المنافسة.
هناك حقائق تاريخية تدل على أننا كعرب مؤهلين، فمنذ تصنيع أول كاميرا سينمائية وآلة عرض سينمائي للأخوين لوميير، في أواخر الثمانينيات، بدأ التوجه نحو صناعة عمل ذو وجهين، وجه تكنولوجي ابداعي يسر أعين المشاهدين وهو كان نادرا الحصول عليه (الفيديو) حيث كان العرض عبارة عن دقيقتين أو أقل، لفرس يمشي مثلاً، ووجه آخر علمي هادف، فقد أضيفت إلى الصورة المتحركة قصة تحمل هدفا إما درامي وإما كوميدي او علمي او ما شابه.
عام ١٩٢٧ كانت النقلة النوعية في تاريخ السينما باصدار فيلم ناطق “مغني الجاز” أميركي الصنع، كما بدأت أوروبا بصناعة أفلام غير صامتة ولعل الأبرز ايطاليا وفرنسا وبريطانيا، ولكن أين العربي من هذا؟
السينما العربية وبالتحديد المصرية التي لها الفضل بصنع تاريخ سينمائي حتى لو كنا مقلدين غير مبتكرين فأنشات أفلاماً ذات صيغة روائية ودرامية كفيلم “قبلة في الصحراء” و”ليلى” للممثلة عزيزة أمير، ولكن كان عرضهم محصورا في مصر وبعض الدول العربية لعدم ايجاد طريقة لدبلجتهم الى لغات أجنبية.
ومع مرور الوقت، أذهلت الأفلام الأجنبية عقول مشاهديها، من ضمنهم العرب، وتخطت ما يخطر ببال أي مشاهد وأصبحت تحاكي المجتمع، وهو ما دفع السينما العربية للتطور وللأسف ليس للمنافسة وبقينا في إطار المقلدين. ولعل أبرز أسباب هذا الضعف:

  • العقل العربي الذي لم يجد الفن السابع ضرورة انما شيء ثانوي، على عكس العقل الغربي الذي طالب وطالب مرارا وتكرارا بإنشاء أفلام أخرى وأصبح شيء أساسي في حياتهم.
    -سبب آخر لا يمكننا تجاهله وهو: التحديات الإقتصادية بفعل الحروب وهو ما أنتج تراجعاً كبيراً، فبدلاً من إصدار ما يقارب الخمسين فيلماً عربيا سنوياً، أصبح الانتاج يقارب العشرين فيلماً في جميع الدول العربية، وهذا التذبذب في الإنتاج، شكل للمشاهد العربي تثبيتاً لقوله الأول أن الفن السابع ليس أساسيا.
  • أيضاً، لا يمكننا أن نغفل عن الفكر الشرقي، وهو، وإن كان ليس عائقاً كبيراً، الا أن لغة الأرقام تحدثنا عن كمية الأفلام غير المعروضة نتيجة منع العرض بفعل الرقابة إما لأسباب دينية أو حتى سياسية. كثير من الأفلام حاكت قضايا سياسية وهدفت الى تشويه سمعة الرئيس أو ذاك الحزب أو هذه الحركة.
    -سبب آخر منعنا من التقدم حتى، وإن لم يعجبنا ونقف ضده، وهو تضمين الأفلام المشاهد الإباحية لتناقضها مع ديننا وقيمنا وعاداتنا الشرقية. في الغرب لا خطوط حمراء ويمكنهم تصنيع فيلم مليء بالمشاهد غير اللائقة، ولن يمنع من العرض، بل وأكثر، أصبح الأمر شيئا أساسيا في إنتاج الفيلم، ووجود الممثلات الشابات وتدريبهم على الإغراء لجذب المشاهدين وتحقيق أرباح خيالية.
    ختاما، لا أجد أن هذه الأسباب ستبقى واقعا الى الأبد أمام السينما العربية للتفرد في التأثير بالمجتمع من خلال السينما، حتى وإن كان هناك خطوطا حمراء.
    وعليه، أحث على إبقائها نصب أعيننا وعدم الإنجرار الى الأرباح فقط، فأنا أريد أن أجني أرباحاً وأن أعطي محتوى فيلميا للمشاهد من خلال الترويج الصحيح والإخراج الأصح، وهكذا نصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى