هل تمنع واشطن تقارب “العرب” مع دمشق؟
خليل نصرالله -مختص في الشؤون الإقليمية | خاص -الواقع
ترفض واشنطن “تطبيع” علاقاتها مع سوريا. لا تفوت فرصة او مناسبة لتأكيد الأمر، وهي التي تدير عدوانا على هذا البلد وتحاصره وتعاقب من يتعامل معه. تذهب واشنطن أبعد من ذلك لتؤكد على عدم تشجيع الدول على التقارب مع الدولة السورية. خصوصا تلك الدول التي تدور في فلكها وكانت جزءا من الحرب على دمشق طوال عقد ونيف من الزمن.
خلال العامين الماضيين، أعادت بعض الدول العربية تقييم بعض سياساتها اتجاه الدولة السورية، دون أن تقدم على خطوات تتخطى المحظور الأميركي، واستقرت على إعادة العلاقات الدبلوماسية او فتح قنصليات.
مؤخرا، مع المتغيرات التي تحصل على خلفية الحرب في أوكرانيا، وتصدر واشنطن مشهدها عبر تجييش أوروبا والعالم في مواجهة روسيا، ونقل جزء كبير من اهتمامها إلى هناك. وايضا، بعد الزلزال الذي ضرب سوريا، تحركت عجلة بعض الدول منها المملكة العربية السعودية لتعلن عن تقارب مع سوريا. ترافق الأمر مع وساطة روسية إيرانية لتقريب وجهات النظر بين تركيا وسوريا، دون أن تصل حتى الآن إلى نتائج كبيرة.
الولايات المتحدة الأمريكية، ومع التقارب الذي تلمسه لدول حليفة لها مع دمشق، جددت موقفها الرافض، ولكن السؤال هو هل تكتفي بالموقف ام تمارس ضغوطا على حلفائها؟
تتسلح واشنطن بقانون “قيصر”، أحادي الجانب، الذب بموجبه قد تفرض عقوبات على أي دولة تتعامل مع دمشق، خاصة في البعد الاقتصادي، وبالتالي تملك ورقة ضغط هامة.
لكن من الواضح أن واشنطن لن تمنع أي تقارب، لكنها ستمنع حلفائها من علاقات قد تشكل متنفسا لسوريا، وتعيد لاقتصادها شيئا من الانتعاش.
إضافة إلى “قانون قيصر”، تمسك واشنطن ورقة “اللاجئين” السوريين، وهي تتحكم بمساراتها، وهذا ما برهنته الأعوام الماضية عند محاولات دول تستقبل هؤلاء تسهيل عودتهم بالتنسيق مع دمشق.
من الواضح أيضا، ومع توسع تقارب دول عربية مع دمشق، دون رفع العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية، أن واشنطن لا زالت تتحكم مسار علاقات تلك الدول التي لم تتخطى حتى الساعة “الخطوط الحمر” الأميركية.
إضافة إلى ما تقدم، تحتل واشنطن جزءا من الأراضي السورية، وتمنع دمشق من الاستفادة من مواردها النفطية والزراعية، على رأسها القمح، وتتخذ من شمال شرق البلاد تموضعا أمنيا وعسكريا ذات أهداف أبعد من سوريا.
منذ أيام، بعث مسؤولون أميركيون سابقون، جميعهم كانوا معنيين بادارة الحصار على سوريا، رسالة إلى إدارة الرئيس جو بايدن، طالبوه بممارسة ضغوط على الدول التي تتقارب مع دمشق. يبدو أن هؤلاء يستشعرون خطورهم أو مساساً بالمشروع الذي أداروه، والذي بالمناسبة هو مشروع إدارة باراك اوباما، التي كان بايدن نائبا للرئيس فيها وأشرف على كثير من المفاصل المتعلقة بسوريا، منها مشروع “الإدارة الذاتية” الهادف إلى “التقسييم”.
يمكن الاستنتاج أن واشنطن قد لا تعرقل بشكل كلي تقارب أي دولة مع دمشق، لكنها بوارد التحكم ببعض مسارات الانفتاح على دمشق، خصوصا من قبل دول تربطها فيها علاقات واتفاقيات استراتيجية، ومنها المملكة العربية السعودية.
إن السلوك الأميركي يبدو واضحا بمواصلة خنق دمشق، دون ترك أي متنفس لها. شيء من هذا تجسد أبان الزلزال الذي ضرب شمال البلاد، حيث عملت الولايات المتحدة الأمريكية على استغلاله لمزيد من الضغوط على دمشق عبر سبل عدة.