دمشق تعود إقليميا من البوابة التي عبرتها واشنطن عام 2011: العرب !!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص -الواقع
لم تخطئ دمشق حين تمهلت في فتح الأبواب لدول شكلت حتى الأمس القريب رأس حربة في مواجهاتها. عقد من الزمن ودول عربية شقيقة تغرز سكاكينها بالجسد السوري من كل حدب وصوب. فتح باب للحشود الإرهابية ومدها بالسلاح والعدة والعديد.
فتحت دمشق الباب، بعد ان قلبت موازين القوى بمشاركة حلفائها على الأرض، وثبتت نفسها كقوة في منطقة غرب آسيا لا يمكن تخطيها. عادت دمشق بعد رحيل العرب عنها من باب العدوان عليها، لتجذب الجميع إلى طاولتها.
فاتحة العودة العربية إلى دمشق بدأت من أبو ظبي والبحرين، ليتوالى الحجيج تباعا. بتد الزلزال الذي ضرب تركا وسوريا، فتحت الأبواب بشكل أعمق. ظروف دولية على رأسها الحرب في أوكرانيا ساعدت أيضا، في ظل الاهتمام الأمريكي هناك.
مؤخرا، وضوح في الرؤية ساعد دمشق في تثبيت ثوابتها. لا مس بما تقررها من علاقات مع من تريد، ووفق ما تريد، خاصة من وقف إلى جانبها في السنوات العجاف.
السعودية قاب قوسين أو أدنى من إعادة العلاقات، وهي بينت ذلك دون تردد، خاصة بعد التفاهم مع طهران على استعادة العلاقات الدبلوماسية. كذلك مصر التي حافظت على شيئ من العلاقات، هي بدورها في طريق عقد قمة، حسب ما سرب في الإعلام، بعد زيارة لوزير خارجية دمشق فيصل المقداد الي القاهرة.
تونس، التحقت بالركب، وأعلن رسميا رفع مستوى العلاقات وإعادة فتح السفارة في دمشق، وكذلك بدأت تحضر سوريا.
بغض النظر عن العراقيل التي يمكن أن تضعها واشنطن، يسجل لدمشق قدرتها على مد الجسور وفق ما تريد، خارقة الحصار الأمريكي، من ذات البوابة التي بدأ منها، وهي الاشقاء العرب.
تلعب سوريا، وفق حساباتها، لا حسابات الأخرين، ويشهد للدبلوماسية السورية قدرتها على استيعاب الضربات، ثم الرد بروية مع إعطاء الوقت حقه المنشود. تنجح في استغلال الظرف المناسب بدقة، وهو ما يمكن استنتاجه من العملية السياسية الدقيقة التي تديرها في مواجهة تركيا عبر الوساطة الروسية – الإيرانية، تقبل ما فيه مصلحتها وترفض ما يعاديها، ودائما وفق ثوابتها السياسية والسيادية.
في المحصلة، تنجح سوريا في مد الجسور الإقليمية والعودة بقوة إلى المشهد الإقليمي، ومن ذات البوابة التي، كما ذكرنا، دخلت منها واشنطن لضرب سوريا ومحاصرتها، وهو من بوابة الأشقاء العرب.
يبقى القول أنه لا بد من الانتظار لبعض الوقت لتتضح صورة المسار الذي ستسلكه عودة العرب إلى سوريا، وإن كانت ستتوقف عند حد استعادة العلاقات الدبلوماسية أم ستتخطاها الى حد كسر الحصار ورفع العقوبات العربية عنها، المفروضة عام 2011، والتي أثرت على الشعب السوري دون كسره.