إيران الإسلام والسينما
علي فوعاني – مخرج | خاص – الواقع
من المهم إنشاء أي فيلم من قبل الشركات المنتجة بما يناسب الثقافة لكل بلد. في الواقع إن السيناريست (الكاتب) يضع نصب عينيه المتلقي (شعوب البلدان) ولجان المراقبة في الدولة التي تسمح أو لا، أو ربما تطلب التعديل لتقبل فكرة الفيلم، فلكل دولة ثقافة ومنهجية في الأفلام.
إن أردنا التخصيص فلنتكلم عن السينما الإيرانية. وإيران بلد كسائر البلدان يهتم بالفنون، وهي تفوقت في أجزاء منه رغم الحصار السياسي والإقتصادي المفروض عليها منذ سنوات.
منذ أوائل التسعينيات وعلى عهد السلالة القاجارية السلطانية، دخلت بعض الأفلام الغربية المدبلجة الى إيران وأنشأ مظفر الدين شاه ونجله محمد علي صالات لعرضها، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية فتفككت هذه الصالات وأصبح تفكير الشعب بأساسيات العيش لا أكثر على الرغم من إنشاء بعض الأفلام أبرزها وأولها (آبي ورابي) الذي أخرجه المصور والمخرج “أفانيس أوهانيان”.
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح هناك ركود في عالم السينما ولم نر أعمالا كثيرة أو إهتماما كبيرا من قبل المشاهد، نظراً للوضع المعيشي، إلى حين انتصار الثورة الأسلامية على يد الإمام الخميني. من هنا أتى التحول اللافت والمبهر في الحركة السينمائية، فأصبح الفن السابع من أساسيات العيش.
الملفت في الأمر، أنّ عوامل صناعة الأفلام أصبحت أكثر مهارة على الرغم من التشدد الديني والقيمي، فدخلت المرأة الى عالم التمثيل والكتابة والإخراج، ثم أصبحت صناعة الأفلام تتحاكى مع قيم الثورة الإسلامية، على عكس الطريقة الهوليوودية التي تركز مراراً وتكراراً على أن المواطن الأميركي بجميع أعماله العسكرية الفضائية والصناعية، وأنه هو (الانسان الأمريكي) الأفضل على وجه الكرة الأرضية مقارنة بدول أخرى ولو كانت صديقة لبلده.
ومع هذا التطور المبهر للكتّاب والمخرجين، بدأ الفن السابع في إيران يتكلل بالنجاح ويتوج في مهرجانات كثيرة، فالمخرج مجيد مجيدي الذي رُشح فيلمه الشهير “أطفال السماء” عام 1998 لجائزة الأوسكار، وحصد فيلمه جائزة “فينكس كريستال” لأفضل فيلم. وفي كل عام تترشح أفلام إيرانية لنيل جوائز في مهرجانات عالمية ضخمة. أيضا، أتت هزة في تاريخ السينما الايرانية، عندما حصد فيلم “البائع” جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، غير انكليزي اللغة، للمبدع المخرج أصغر فرهادي الذي لم يفز فقط بالأوسكار عن فيلمه، إنما حصد جوائز شتى لأفلامه الأخرى.
لكل ثلة من الناس نوع ومذاق ونكهة خاصة من الأفلام، إلاّ أن العقل من يحدد هذه النكهة ويميز بين فوائدها وأضرارها. وعليه، لم نر في الأفلام الأيرانية أي ضرر، بل على العكس، وجدناها ذات فائدة وإفادة للمجتمعات.
وجميل الأفلام الإيرانية، أن حصدت جوائز، ولا زالت، وفي مهرجانات لها حتى ضوابط غربية، لذلك إن تحفظ إيران على الخطوط الحمراء الموضوعة غربيا لحصد الجوائز، لم يكن مانعا للأفلام الإيرانية لترتقي أكثر وتكون منافسا عالميا. وهذا هو النجاح الأكبر.