الواقع السوري

“المعارضة السورية” في الخارج محبطة!!

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

عام 2011، وعلى وجه السرعة وكجزء من الحرب على سوريا، عمد دول عربية وإقليمية على تشكيل معارضة سياسية، باسم المجلس الوطني السوري، وأقر إقامته في اسطنبول، قبل أن يشكل الائتلاف السوري المعارض ومنصات أخرى.
رفع هؤلاء من سقف توقعاتهم، حيث جرى إعدادهم لتسلم مقاليد الحكم وإدارة الدولة بعد إسقاط سوريا وتفكيكها.
وطوال سنوات الحرب، عاش هؤلاء صراعات داخلية، كان واضحا أنها تتعلق بالمغانم والمكاسب المادية، لكن الأبرز، وطيلة فترة الحرب الكونية على دمشق، أن هؤلاء كانوا بعيدين كل البعد عن موقع القرار، وبقيوا ضمن خانة الأدوات الحربية التي تستخدمها دول إقليمية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية. وهم، أيضا، لم يتمكنوا من تثبيت وجود في المناطق التي سيطرت عليها المجموعات الارهابية المسلحة سواء ما أطلق عليه مسمى “الجيش الحر”، أو فصائل “جهادية” كداعش وجبهة النصرة، وبقي حجم تواجدهم محصورا بمقرات ومكاتب في عواصم كانت حتى الأمس معادية لدمشق وترفض الحديث معها.
منذ سنوات انقلبت موازين القوى على الأرض لصالح الجيش السوري وحلفائه. شيئا فشيئا ثبتت دمشق حكمها وزال خطر السقوط. مؤخرا ومع تبدل ظروف دولية وإقليمية، بدأت عواصم إقليمية منها أنقرة والرياض، جولات محادثات مع دمشق، بلغت مراحل متقدمة، إذ شهدت الوساطة الروسية الايرانية بين أنقرة ودمشق نتائج تبلورت باجتماع بين البلدين على مستوى وزراء الدفاع، ثم على مستوى نواب وزراء الخارجية، وهي مؤشرات على تواصل التفاوض للوصول إلى نتائج تنهي حالة التوتر وتعيد شيئا من العلاقات الدبلوماسية، والتجارية كما يسرب.
مؤخرا أيضا، تطور على صعيد استعادة العلاقات بين دمشق ودول عربية على رأسها المملكة العربية السعودية. والعلاقة مع الأخيرة خرجت إلى العلن من خلال تلبية وزير الخارجية السوري فيصل المقداد دعوة نظيره السعودي لزيارة السعودية، وهو ما حصل من خلال لقاء عقد في جدة.
تلا لقاء جدة السعودي السوري، جولة للمقداد إلى تونس والجزائر، سبقها إعادة افتتاح السفارات بين دمشق وتونس.
ما يجري يأتي في سياق عودة الجميع إلى سوريا، والرضوخ للأمر الواقع، وبالتالي ضرورة إعادة ترتيب العلاقة مع دمشق، في مرحلة تشهد تبريدا للأجواء في المنطقة، ووقف للحروب وإعادة ترتيب علاقات كانت قد قطعت، منها بين الرياض وطهران.
أمام هذا المشهد، تعبر المعارضة السورية المرتبطة بدول خارجية عن خيبة أمل، تتجلى في إصدار بيانات تطالب دول المنطقة بمحاسبة القيادة في دمشق بدلا من استعادت العلاقات معها. وهي بيانات لا تصل حتى إلى يد حاجب في وزارة الخارجية في أي بلد تخاطبه هذه المعارضة، التي كما أسلفنا لا تتعدى سلطتها المقرات التي تقيم فيها خارج البلاد، ولم تكن سوى أدوات للضغط على دمشق.
وعليه، لسنا بحاجة للبحث عن معطيات عن حال هؤلاء، يكفي قراءة بياناتهم لفهم حالة الإحباط التي تعتريهم والمدى الذي وصلت إليه، خصوصا مع حديث دول الإقليم عن ضرورة ترتيب عودة للأجئين، وإعطاء الأمر أولوية، وهو ما يؤشر إلى متغير لدى هذه الدول في توجهاتها السياسية اتجاه دمشق وتخليها بشكل كلي عن سياسات الإلغاء وإسقاط الدولة هناك.

يبقى القول إن الرهان على حملة إنقاذ أمريكية من قبل هؤلاء يعتريه الوهم، فالدول تتعاطى وفق مصالحها وليس أهواء ثلة هي صنعتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى