“إسرائيل” لا تريد استفزاز موسكو في أوكرانيا: روسيا عند حدودنا!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
لم يكن الموقف الإسرائيلي واضحا وموحداً اتجاه الحرب في أوكرانيا عند اندلاعها قبل عام ونيف. يومها وفي ظل حكومة ائتلاف بينيت – لابيد، أظهر الإسرائيليون انقساما في الموقف، لكن الحكومة حاولت النأي بنفسها والوقوف على الحياد أو في المنتصف، أقله قولا.
اعتبارات “إسرائيل” كثيرة، منها الوجود الروسي، الذي تتعامل معه كأمر واقع، في سوريا، وما يمكن أن يلحقه من ضرر بأعمالها العدوانية، ولو بشكل غير مباشر، ما إن انخرطت “تل أبيب” كطرف إلى جانب الغرب في الحرب الأوكرانية.
تقارير تحدثت سابقا عن تقديم تل أبيب أسلحة لأوكرانيا، لكنها غير مؤثرة، وهو ما يفسر الحرص الإسرائيلي على عدم استفزاز موسكو، لكن الحكومة الإسرائيلية التي يرأسها نتنياهو تتعرض لضغوط أميركية واضحة، في مجالات عدة، منها مسائل داخلية وأخرى خارجية، وهو ما يعبر عنه مسؤولون إسرائيليون على رأسهم “بنيامين نيتنياهو”، الذي قال بالأمس صراحة: “إن هناك خلافات مع الولايات المتحدة الأميركية رغم أن العلاقة معها غير قابلة للكسر”.
ومن مجمل ما تحدث به رئيس وزراء حكومة الإحتلال هو الموقف اتجاه أوكرانيا، حيث أكد أن وضع “إسرائيل” بالنسبة لأوكرانيا يختلف عن الدول الغربية، مبرراً الأمر بالقول: “لدينا حدودا مع روسيا في سوريا، ونحن نريد الحفاظ على الحرية في التحليق فوق سوريا لمنع ايران من التمركز عند حدودنا الشمالية”.
كلام نتنياهو يحمل تفسيرات عدة، فهو يدلل على أن الموقف من أوكرانيا هو محل خلاف مع الغرب خصوصا واشنطن، وأن “تل أبيب” تتعرض لضغوطات في هذا الشأن، وما يؤكد ذلك هو ما نقله موقع “إكسيوس” قبل أيام عن مسؤول أمني إسرائيلي كشف عن أن وزير الحرب “يوآف غالانت” أوضح لنظيره الأميركي أن “تل أبيب” لن تقدم أسلحة فتاكة لأوكرانيا، لكنه سيتحدث مع نظيره الأوكراني”.
المسألة الثانية، أن تصريح نتنياهو يأتي كتأكيد على موقف حكومته التي لا زالت تسير على خطى الحكومة السابقة في الموقف، وأنها ليست بوارد استفزاز موسكو التي لديها قدرة على التأثير في الحركة الإسرائيلية في المنطقة، خصوصا في سوريا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لاعتبار أن لدى روسيا علاقة متينة وقوية بإيران وسوريا وقوى أخرى في المنطقة هي (إسرائيل) على عداء معها، إذ تخشى “إسرائيل” من تطور هذه العلاقة أكثر بما قد يمس أو يؤثر على بعض من تفوقها الذي تتمتع فيه في المنطقة، خصوصا أن تداعيات إسقاط الطائرة الروسية إيل 20 عام 2018 وما تبعها من رد فعل روسي لا زال شاخصا أمام المؤسستين العسكرية والأمنية وكذلك أمام الأطقم السياسية.
من الواضح أن تل أبيب المحاصرة بتحديات أمنية، وفي ظل تأكل قوة الردع لديها، وفي ظل الخشية من توصل إيران وواشنطن إلى اتفاق نووي، وتراجع حظوظ توقيع اتفاقية تطبيع مع المملكة العربية السعودية، ولو مرحليا، لا تريد توسيع باكورة “أعدائها” أو خصومها، لأن الخطأ في التقدير سينعكس عليها سلبا وفي اتجاهات عدة، لذلك يلاحظ أنها تسير في حقل من الأشواك سواء اتجاه “أعدائها” أو حتى حلفائها ورعاتها.