نتنياهو يواصل رفع سقف التفاوض ودباباته تحترق في رفح
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الاقليمية
في وقت تجري فيه مفاوضات مكثفة، بمشاركة وفود أميركية وإسرائيلية تتنقل بين الدوحة والقاهرة للخروج بصيغة تؤدي إلى وقف نار في غزّة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات جدّد فيها السقوف العالية ذاتها لأهداف حربه على غزّة، متوعدًا بمواصلتها حتّى القضاء على حماس وجعل قطاع غزّة مكانًا لا يشكّل تهديدًا، بحسب تعبيره؛ لكنّه أقر بالتزامه “بمقترح الصفقة لإعادة الأسرى”.
تصريح نتنياهو تضمن كذلك إشادة بجنود الاحتياط وعائلاتهم، وإقرارًا بأن: ” “إسرائيل” تدفع ثمنًا باهظًا، ولا بد من تحقيق النصر”، أيضًا وفقًا لقوله.
ما قاله نتنياهو لا يمكن فصله عن التفاوض القائم، لأسباب عدة. أولها إقرار كثير من المسؤولين “الإسرائيليين”، خصوصًا من هم في الجيش، بصعوبة تحقيق الأهداف التي رُفعت، وأن ما يجري في غزّة هو حرب معقّدة، وأن الذهاب نحو الصفقة أقل ضررًا على صعد عدة، وبالتالي إن تكرار نتنياهو للأهداف ذاتها يعدّ رفعًا للسقف التفاوضي، أو ربما شراءً لبعض الوقت، وتاليًا النتيجة واحدة.
تتزامن تصريحات نتنياهو مع صدور نتائج تحقيقات تتعلق بتصرف جيش الاحتلال في يومي السابع والثامن من أكتوبر/تشرين الأول، والذي أدى إلى مقتل مئات المستوطنين، وهو أمر ما لم يعد من الممكن إخفاؤه.
وفي وقت كان نتنياهو يكرّر السقف العالي المتعلّق بأهداف حربه، كانت كتائب القسام تبثّ مشاهد نوعية جديدة لعمليات نوعية تركزت في منطقة رفح. فقد بثت فيديوهات لاستهداف دبابات وتدميرها، إن بواسطة العبوات أو حتّى قذائف الياسين، وكذلك الاشتباك المباشر مع طواقمها. وهي مشاهد من حيث التوقيت، وما سبقها، تظهر حجم الغرق لجيش الاحتلال في رفح، وتمكّن المقاومة من ضربه حيث هو، وبشكل غير مسبوق، ما يضر بمصداقية نتنياهو نفسه، وكذلك الجيش، بعدما ربط مصير الأسرى ووقف النار بتدمير كتائب حماس في رفح. لكن الوقائع تشير على خلاف ذلك، مع إقرار بأنّ كتائب القسام أعادت تشكيل كتائبها وتعزيزها، عدة وعديدًا، على امتداد مناطق القطاع من شماله إلى جنوبه.
يرفع نتنياهو سقفًا غير واقعي، لا يمكن فصله عن التفاوض القائم، فلا نتائج عسكرية لعمليات جيشه على مدى تسعة أشهر، وآخرها في رفح، يمكن صرفها تفاوضيًا، خصوصًا أن المقاومة في قطاع غزّة أغرقته في استنزاف كبير، معطوفًا على الاستنزاف الذي تسببّت به جبهات الإسناد، وعلى رأسها الجبهة اللبنانية.
المصدر: موقع العهد