“إسرائيل” إن أخطأت التقدير: أبعد من العصر الحجري .. الفناء أقرب!
تحليل – خاص الواقع
على مدى سنوات، أكثر من مسؤول إسرائيلي من العسكريين والسياسيين، ومن الصف الأول، رفعوا مستوى الخطابات التهديدية اتجاه لبنان إلى حدودها القصوى. هددوا صراحة بإعادة لبنان إلى “العصر الحجري”، والمقصود استخدام قوة تدميرية تستهدف البنى التحتية ومناطق سكنية على امتداد الوطن.
مستوى التهديد الإسرائيلي مرتبط بأمور عدة، من بينها رفع معنويات الجمهور الإسرائيلي وطمأنته خصوصا مع فقدان الشعور بالأمن منذ عدوان تموز 2006 وحتى اليوم، وكذلك التأثير في الجمهور “المعادي”، أي جمهور المقاومة خصوصا والليناين عامة، لثنيه على الضغط على حزب الله، وثالثا هو محاولة التأثير على خطوات المقاومة، خصوصا الاستراتيجية منها، ومحاولة تبيان قدرة على “ردع” المقاومة.
لا شك أن للعدو قدرات عسكرية عالية وهائلة وتدميرية أيضا. قد يكون أقصى ما يمكن أن تفعله هو مشابه لما أحدثته عام 2006 في لبنان ولعله هو المشهد الأبرز التي يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن “العصر الحجري”، لكن ثمة متغيرات واضحة المعالم حصلت منذ ذلك الحين على مستوى جهوزية وقدرات المقاومة العسكرية وهي ليست وليدة السنوات الأخيرة، بل بدأت منذ وقف الأعمال الحربية في 14 آب عام 2006، وهو ما كشفت عن بعضه المقاومة عبر المعادلات التي فرضتها أو كشفت عنها، كما حصل في 16 – شباط عام 2010، عند كشف السيد نصرالله عن قدرات نوعية قادرة على ضرب أهداف حساسة في فلسطين المحتلة وسمى بعضها.
يتحدث العدو صراحة عن قدرات المقاومة وتطورها. يخمن أعداد الصواريخ الدقيقة وغير الدقيق، القدرات الجوية (سلاح المسيرات) لدى حزب الله. يشير إلى الخبرات التي اكتسبها الحزب في سوريا. يعترف بشكل غير مباشر بالفشل في منع وصول السلاح إلى لبنان عبر ” المعركة بين الحروب”. يتحدث عن جرأة حزب الله عند الحدود عبر نشر قوة الرضوان. يحاكي في مناوراته حربا متعددة الجبهات يكون حزب الله ركيزتها ويعدل من استراتيجياته بما يحاكي حربا من هذا النوع. وأمور أخرى تحت عنوان: التهديد الأمني المتصاعد، برا، بحرا وجوا.
ورغم ذلك يرفع من مستوى التهديد، والذي في غالب الأحيان يؤثر في جمهوره، خصوصا مع تصاعد الازمة الداخلية والحديث عن تأثيرها على “الكفاءة” لدى الجيش.
منذ أيام، كرر وزير الحرب الإسرائيلي “يوآف غالانت” تهديده اتجاه لبنان – وهو الذي يعترف بأن اشتعال جبهة سيؤدي إلى اشتعال جبهات في المنطقة – متوعدا بإعادة لبنان إلى “العصر الحجري”.
التهديد المكرر من قبله، وقبل مسؤولين أمنيين وعسكريين آخريين، استدعى ردا من قبل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي كان يتحدث في ذكرى انتصار تموز 2006.

السيد حسن نصرالله، كرر التهديد المشابه للعدو، فهو توعد سابقا من خلال استعراض خارطة توضح مروحة واسعة من الأهداف الإسرائيلي، سواء منشآن بنى تحتية أو عسكرية، وقال يومها: هنا العصر الحجري، في إشارة إلى قدرة المقاومة على ضرب هذه الأهداف، بل وإحداث تدمير كبير. لكن السيد نصرالله أعطى إضافة مهمة بإشارته إلى أن الحرب، إن وقعت من خلال أي مغامرة إسرائيلية، فإن الثمن ما إن دخل محور المقاومة فيها سيكون “فناء إسرائيل”. وبالتالي عندما نتحدث عن “الفناء” فنحن نتخطى “العصر الحجري”، فالعصر الحجري شيء له وجود أما الفناء فهو نهاية ويعني مرحلة اللاعودة.
يعلم الإسرئيليون أن ما أعلنه السيد نصرالله هو التزام، وليس مجرد تهويل، بل تهديد مبني على معرفة بالعدو أولا، وثانيا، القدرات التي راكمتها المقاومة في لبنان وكذلك المحور بأكمله.
الواقع في المنطقة، بعد تهديد أو معادلة “الفناء”، يكون أمام مشهدية جديدة عنوانها: مزيد من تضييق الخناق على الإسرائليين، المعنيين الآن باحتساب خطواتهم بشكل أدق، لأن الخطأ يعني الوجود، وأن حقل “الألغام” يحيط بهم من كل جانب والدوس على أي من تلك الألغام لا يمكن “التأسف” بعده.