كمين جنين “المدروس” .. رسالة واحدة ورئيسية!
تحليل | خاص – الواقع
ليس مجرد تفجير عبوة أو عدة عبوات بآليات عسكرية إسرائيلية في جنين وإيقاع إصابات في صفوف جنود العدو، وكشف قوات المستعربين، ما حصل يمكن وصفه بالكمين المدروس والمحكم والذي يحمل رسالة ذات دلالة عالية المستوى.
طوال المرحلة الماضية يلمح العدو إلى ضروة شن عملية عسكرية واسعة شمال الضفة الغربية المحتلة، تحديدا في جنين ونابلس، حيث تتصاعد عمليات المقاومة، وتأخذ مناح تصاعدية كما ونوعا. ويرى الإسرائيليون أن “البؤرتين”، وفق منظورهم، باتتا تشكلان ملاذا آمنا للمقاومين سواء من أبناء المنطقة أو الذين ينفذون عمليات في مناطق بعيدة.
خلال عملية “ثأر الأحرار” ومن خلال الشخصيات التي استهدفها العدو في البداية بعمليات اغتيال، كان واضحا أن المؤسسة الأمنية لديها معطيات وتقديرات بأن ثمة أعمال للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة والقدس، تدار من قطاع غزة، بما معناه أن المقاومة باتت توحد عملها على امتداد فلسطين المحتلة، وأن المقاومة في غزة تمد المقاومين بالضفة بخبرات، ناهيك عن دور في إيصال السلاح والمال، إلى جانب قوى خارجية تقول المؤسسة الأمنية إن لحزب الله في لبنان ولطهران دورا فيها.
ثمة مؤشرات أن على “الخط الرابط” بين المقاومة في غزة، تحديدا حركة الجهاد الإسلامي، والمقاومة في الضفة الغربية المحتلة، رمم وأن العمل يتواصل وهو ما يترجم بعمليات نوعية تحمل رسائل بين الحين والآخر، وكذلك تصعيد عمليات الإشغال المتمثلة باستهداف الحواجز العسكرية والمستوطنات وآليات المستوطنين وجيش الاحتلال بالرصاص.
وعليه، يرى الإسرائيليون، المحاطون بمعادلات داخل الأراضي المحتلة كمعادلة عملية عسكرية في مخيم جنين سيقابل بسيف قدس اثنين، وهي معدلة طرحتها كتائب عز الدين القسام، ومعادلة وحدة الجبهات، والتي تتضمن الضفة الغربية المحتلة، أنفسهم أمام خيارات ضيقة، فالخطأ في التقدير أمر وارد في الضفة الغربية المحتلة. وكان السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله واضحا بتحذير الإسرائيليين من خطأ كهذا في يوم القدس العالمي في شهر رمضان الفائت.
أمام ما تقدم، يمكن فهم أهمية “كمين جنين” الذي وقع اليوم الإثنين، والرسالة التي أراد إيصالها:
على صعيد الكمين نفسه، فقد أظهر المقاومون حرفية كاملة، بإيقاع قوة عسكرية مؤللة في بقعة قتل، وجههوا باتجاهها وابلا من الرصاص وفجروا في عبوات ثقيلة، وأبقوها محاصرة لساعات ما استدعى تدخل سلاح الجو، تحديدا مروحيات الأباتشي، لفك الحصار. مشهد الكمين دفع اعلام العدو باستذكار كمائن حزب الله في لبنان، والتي كانت توقع خسائر، وعدم القدرة على منها أو التعامل معها لدقتها.
في الرسالة، أرادت المقاومة من خلالها تعقيد المشهد على العقل الأمني الإسرائيلي الذي يحاول ابتكار أسلوب لتنفيذ عملية واسعة في شمال الضفة الغربية، دون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد من غزة أو جبهات أخرى، عبر القول: إن كمين جنين هو بعض مما ينتظركم.
وعليه، يمكن القول إن كمين جنين هو إجابة استباقية على نوايا العدو الإسرائيلي شن عملية عسكرية واسعة شمال الضفة الغربية المحتلة.
أمام مشهد جنين، الذي يؤكد أن عمل المقاومة في تطور متزايد، وهو ما تعبر عنه أصلا الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فإن ثمة تغيير في قواعد اللعبة الذي تحدث عنه جيش العدو، لكنه تغيير بادرت إليه المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، ومن خلفها قوى المقاومة في المنطقة.