هل تمهد السعودية لضم حضرموت اليمنية، وما أهدافها؟
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص الواقع
لطالما كانت محافظة حضرموت اليمنية محل أطماع المملكة العربية السعودية. المحافظة التي تصل بين صحراء ربع الخال عند الحدود اليمنية السعودية شمالا، وبحر العرب، وتحدها من الغرب محافظات مأرب، شبوة والجوف، ومن الشرق محافظة المهرة، تتمتع بموقع استراتيجي هام، ناهيك عن غناها بثروات نفطية وغازية هائلة.
تاريخيا، تسعى السعودية إلى ضمها، أو إبقاء نفوذ قوي فيها، يمكنها من تحقيق أهداف استراتيجية كبيرة.
خلال الحوار الوطني الذي تلى أحداث عام ٢٠١١، والذي أتى كجزء من المبادرة الخليجية، اتفق على تقسيم اليمن إلى أقاليم ست، من بينها إقليم حضرموت، وهو بند تحفظت عليه حركة أنصار الله، لاعتبارات عدة أبرزها أنه يحاكي تقسيم اليمن كمناطق نفوذ خارجية.
ترى السعودية أن نفوذها في حضرموت يساعدها في تحقيق أمور عدة منها:
- تنفيذ مشروع تمديد أنابيب جر النفط عبر صحراء ربع الخال مرورا بحضرموت وصولا إلى ميناء المكلا، وبذلك يغنيها عن تصدير النفط عبر مضيق هرمز ما يفقد إيران ورقة قوة، بحسب المنظور السعودي.
- يعطيها مساحة أوسع للإشراف على ممر بحري هام يربط بين الشرق والغرب وهو الممتد من بحر العرب إلى قناة السويس، وهو مصلحة أمريكية بامتياز.
- يساعدها في السطو على ثروات نفطية يمنية، فمن المعروف أن حضرموت، أكبر محافظات اليمن، تحتوي على مخزونات نفطية هائلة وأمور أخرى كالمعادن وغيرها.
بعد بدء العدوان على اليمن، خلطت الكثير من الأوراق، وكما كان ملاحظا أن السعوديين تحديدا تعاطوا مع حضرموت كساحة خلفية في مواجهة صنعاء، وسرعان ما بسطوا أيديهم على تلك المحافظة من خلال ضربات جوية ودعم مرتزقة على الأرض، وباسناد أمريكي. نذكر نهاية عام ٢٠١٦، عندما أعلن “التحالف” شن عملية جوية ضذ تنظيم القاعدة في المكلا، والتي سرعان ما تكشف أنها تهدف إلى السيطرة على المحافظة وموانئها تمهيدا للتحكم بصادرات نفطية هناك، وهو ما أكدته الوقائع لاحقا، مع إعلان صنعاء بدء عمليات وقف نهب الثروة والتي استهدفت موانئ في تلك المحافظة، ناهيك عن أن “القاعدة” هي أحد أسلحة دول العدوان، وتقاتل تحت ظلها، كما اتضح في معارك كثيرة من معارك البيضاء جنوب مأرب.
ومع ضرب صنعاء لأهداف العدوان الاستراتيجية، والقائمة على إسقاط كامل اليمن، وتقاسمه بين المعتدين، وتمكنها من قلب موازين القوى لمصلحتها، وفرض معادلة توازن ردع، بل وامتلاك زمام المبادرة في كثير منها، ومع بدء مرحلة من التفاوض، يبدو أن السعودية بدأت حركة التفافية من خلال دعم “مجلس حضرموت الوطني”، وهو فعليا ترجمة لمخرجات الحوار الوطني عام ٢٠١٣، والذي سقط بمجرد بدئ العدوان.
وتهدف الخطوة السعودية إلى أمرين: - تثبيت نفوذها جنوب شرق اليمن في مقابل نفوذ إمارتي في جنوب غربه.
- تحقيق مشروعها التاريخي بدعم أمريكي لتصدير النفط من على الشواطئ اليمنية كبديل عن مرور ناقلات النفط عبر مضيق هرمز.
المشروع السعودي، المدعوم أمريكيا، لا يمكن تنفيذه دون السيطرة على اليمن، لاعتبار أن تنفيذه في ظل دولة يمنية قوية وذات قرار سيادي، سيجعل الأخيرة شريكا وربما متحكما ما يفقد الرياض ورقة قوة، وعليه هي تسعى إلى تحقيق مشروعها بأي سبيل.
لكن السؤال: هل تنجح بحركتها الالتفافية؟
من الواضح أن صنعاء ترفض أمرا كهذا، وهي تمتلك من القوة ما يمنع تنفيذه. هنا يمكن الاستناد إلى تصريحات السيد عبد الملك الحوثي، التي توعد فيها بتحرير كامل التراب اليمن، ودعا أيضا القوات الغازية الأجنبية إلى الخروج من اليمن، ما فهم على أنها إشارة لفتح اشتباك معها ما لم تمتثل.
تنظر صنعاء إلى كامل التراب اليمني من موقع المسؤولية الوطنية، وهو ما يقف حائلا أمام السعودية والداعمين لها لتنفيذ مآربهم، خصوصا أنهم تعرضوا لنكسات بعد فشلها في السيطرة على أهم الممرات البحرية، بفعل الصمود اليمني، ومراكة القوة التي مكن ان تطال أي نقطة في اليمن وبحره.
وكذلك يجب الاستناد إلى إعلام صنعاء في أكثر من مناسبة وامتلاكها قدرات تسلحية بحرية قادرة على الوصول إلى أي نقطة، وهو ما يعد عامل قوة قادر على تعطيل أهداف استراتيجية.
وعليه، إن المشروع السعودي صعب التحقق، وما يجري يمكن وضعه في إطار المحاولات، وأوراق التفاوض التي يمكن أن تشهر في وجه صنعاء في أي مرحلة. فالرياض تحاول الخروج من الحرب لكنها تريد تحقيق مكاسب، بعض تلك المكاسب مرتبط بحضرموت.