أبرز الاحداثسوريا

واشنطن وروسيا .. معركة الجو في سوريا تتصاعد، فما أسبابها؟

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

عند دخول موسكو إلى سوريا بطلب رسمي من دمشق، لمحاربة الإرهاب، أخطرت جميع اللاعبين في المنطقة، خصوصا أنها زجت بقوات جوية مؤللة، وهو ما كان يستدعي عقد اتفاقات أو تفاهمات لمنع التصادم، وفتح خطوط ساخنة.
وعند الدخول في آب ٢٠١٥، وبدء توافد المقاتلات الجوية إلى قاعدة حميميم في اللاذقية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أنشأت تحالفا دوليا بزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
في ذلك الوقت، أعلن الطرفان بعد مدة عن تفاهم ينظم عمل القوات الجوية لكليهما، وهو ما عرف باتفاقية منع التصادم، وتم فتح خطوط ساخنة بينهما.
عدا إسقاط تركيا طائرة السوخوي في نوفمبر ٢٠١٥، وكذلك سقوط إحدى الطائرات ومقتل طيارها في إدلب ٢٠١٨، لم يسجل أي تصادم، لكن سجل الكثير من التلويح الروسي تحديدا بوقف الاتفاقية، خصوصا مع معارك تحرير الأحياء الشرقية لمدينة حلب أواخر عام ٢٠١٦، وتحديدا بعد الغارة الغادرة التي نفذها الأميركيون في جبل الثردة عند أطراف مدينة دير الزور، والتي اعتبرت استفزازا يهدف إلى تعطيل اتفاق حلب بين وزيري الخارجية سيرغي لافروف وحون كيري، وفسر الأمر يومها على أن الغارة التي تمت من دون تنسيق جوي رسالة البنتاغون برفض ما تم التوصل إليه من تفاهمات.
أواخر عام ٢٠١٧، سجل تشويش أمريكي جوي، وتعطيل للعمليات الجوية الروسية مؤقتاً، أبان معارك البوكمال، حيث كانت تشارك قاذفات استراتيجية روسية بالإسناد الجوي، وتعمل في مناطق يتمتع الأميركيون فيها بسطوة جوية، ولو كانت غير شرعية.
لكن رغم كل تلك الأحداث لم يحصل أي وقف لاتفاقية منع التصادم.
مؤخرا، يشتكي الأميركيون من استفزازات روسية في أجواء سوريا، يتحدثون عن تحليق غير آمن تقوم به طائرات روسية قرب مسيرات أمريكية في أجواء مختلفة من سوريا، وهو أمر تنفيه موسكو وتتهم بالمقابل واشنطن باستفزازات جوية، كمثل تحليق طائرات مسيرة أمريكية في منطقة المناورات الجوية المعلنة شمال سوريا.
لا شك أن ما يجري من اتهامات متبادلة يحمل دلالات عدة، ولكنه ليس مؤشراً على احتمالية وقف العمل باتفاقية منع التصادم.
بواقع الأمر، يلتمس الأميركيون توسيع روسيا نطاق التحليق الجوي في الأجواء السورية، وصل إلى عمق البادية وعلى تماس مع شرق الفرات، وكذالك في مناطق شمال شرق البلاد حيث تتخذ القوات الروسية من مطار القامشلي قاعدة لها تضم طائرات حربية وأخرى مروحية مقاتلة، بعضها يشارك في دوريات على طول خط الحدود مع تركيا، وهو ما يلزم واشنطن التنسيق مع موسكو.
كذلك، يتلمس الأمريكيون توسيع القوات الروسية تموضعها شرق البلاد، تحديدا في مدينة دير الزور، حيث يقيم الروس قاعدة جوية متقدمة – كشف عنها موقع “الواقع” مؤخرا، وهي على تماس مع شرق نهر الفرات حيث قاعدتي كونيكو والعمل النفطي الأمريكيتين غير الشرعيتين.
إضافة إلى ذلك، تشعر واشنطن بخطورة اتجاه سطوتها الجوية مع تنفيذ الطيران الحربي الروسي، وأكثر من مرة، غارات جوية لامست منطقة شعاع القاعدة الأمريكية غير الشرعية في التنف، حيث استهدفت مجموعات مسلحة تدعمها وتسلحها وترعاها واشنطن.
في الواقع، إن الأمريكيين يلحظون تطورا في أداء سلاح الجو الروسي فوق الأراضي السورية، وهو لم يتأثر بالحرب الدائرة في أوكرانيا، بل يعمل على تعزيزه، وما تكرار الشكوى سوى محاولة لعرقلة بعض الجهود الروسية والحد من اندفاعتها، لأن تطورها سيترتب عليه، وفق المنظور الإمريكي، تهديدا للوجود غير الشرعي على الأرض السورية.
من منظور دمشق وروسيا وكذلك إيران، أن أصل الوجود الأمريكي في سوريا هو غير شرعي، وبالتالي إن تحليق الطائرات الأمريكية المسيرة أو الحربية، وكذلك طائرات التحالف، يعد خرقا للسيادة، رغم تذرعها بالاسناد في محاربة داعش، الذي لم يعد موجودا على الشكل الذي كان عليه قبل عام ٢٠١٩.
يبقى القول، إن اتفاقية منع التصادم قائمة، وموسكو ليست بصدد التراجع عن توسيع عملها جوا وبرا، بتفاهم مع الحكومة السورية، رغم الاستفزاز الأمريكي ومحاولة التشويش المستمرة منذ مدة.
وفي حال وقوع أي حادثة، قد يعمل على تطويقها لأن التصادم سيأخذ المنطقة إلى واقع آخر وقد لا تبقى حدوده في سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى