الشعب الليبي يلفظ التطبيع .. “إسرائيل” تلقت ضربة فما هي؟
تحليل – خاص الواقع
لم يكن مفاجئا أن تعقد وزيرة خارجية ليبيا لقاءً مع وزير خارجية الكيان الإسرائيلي. ثمة تسريبات سابقة تحدثت عن مساع إسرائيلية بدعم أمريكي لدخول ليبيا ضمن اتفاقات “أبراهام” لما للأمر من أبعاد أمنية واقتصادية للكيان.
تطمح “إسرائيل” إلى توسيع تمددها شمال أفريقيا، تحديدا لدى الدول العربية. نجحت في عقد اتفاق مع المغرب، والسودان، وتطمح للتغلغل أكثر عبر اتفاقات مع ليبيا وموريتانيا وتونس. تعتبر “تل أبيب” أن عقد اتفاقات مع هذه الدول، تمنحها مستقبلا تفوقا أمنيا أوسع، وتسمح لها عبر اتفاقات أمنية وعسكرية من تحقيق إشراف بحري أوسع سواء في البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر من خلال السودان، وكذلك مكتسبات اقتصادية واستثمارات في مجالات عدة منها الطاقة.
لا يخفى تغلغل اليد الإسرائيلية في دول أفريقية عدة، وهو مسار بدأ منذ زمن طويل. وتعمل شركات إسرائيلية كبيرة في تلك المناطق في مجالات عدة.
في هذا الإطار، يأتي اللقاء، المعد مسبقا حسب تقارير متعددة، بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي “إيلي كوهين” في إيطاليا.
لم يكن اللقاء صدفة، بل أعد له مسبقا، ضمن مسارات سرية ترعاها واشنطن وربما بعض الدول العربية المطبعة حديثا ودول إقليمية.
مسارعة رئيس حكومة الوفاق إلى إعفاء المنقوش من عملها، وفتح تحقيق، رغم تبريرات الخارجية ومحاولة تخريج اللقاء كحدث عرضي، مرفقا بتحركات شعبية مناصرة لفلسطين ورافضة للتطبيع، يبين أن ثمة لقاء موسع قد عقد وربما تورطت فيه جهات ليبية، خصوصا مع خروج المنقوش من البلاد والمغادرة إلى تركيا.
لكن الملفت فيما جرى، بعد الإعلان الإسرائيلي عن اللقاء، هو رد الفعل الشعبي في العاصمة الليبية، إذ خرج مواطنون وعمدوا إلى التظاهر وقطع طرق وإحراق العلم الإسرائيلي ورفع أعلام فلسطين وترديد شعارات مناصرة للقضية الفلسطينية. الموقف الشعبي هذا يؤكد على صعوبة تحول “إسرائيل” إلى حالة طبيعية في المنطقة، حتى في دول بعيدة نسبيا، وهو أمر معطوف على ما ابرزه مونديال قطر، يعد ضربة لجهود إسرائيلية وكذلك للأنظمة التي أبرمت اتفاقات تطبيع سابقا.
وتشير الحالة الشعبية، الآخذة بالاتساع، رغم مسارات التضليل وحرف الأنظار عن فلسطين طيلة عقد ونيف من الزمن، أي منذ اشتعال الحراك في عدد من الدول العربية، يعد حالة متنامية تصب في مصلحة قوى المقاومة في المنطقة وهو ما يشكل داعما كبيرا لشرعية المقاومة الشعبية التي باتت تفوق شرعية أنظمة بفوارق شاسعة.
لا شك أن ما تم محاولة تمريره من خلال الكشف عن اللقاء قد أحبط، مع ضرورة أخذ الحيطة والحذر مستقبلا من محاولات أخرى وتحت عناوين مختلفة لعقد تقارب مع تل أبيب، خصوصا في بلدان مزقتها الخروب الداخلية والعدوان الخارجي، كما هو حال ليبيا التي تعيش صراعات صعبة، وتتعرض لتدخلات خارحية ضاغطة.