“إسرائيل” تصنع الوهم .. ربط اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية بإيران!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص -الواقع
عام ٢٠١٨، وفي سياق توجهات خليجية، اتخذت المملكة المغربية قرارا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران. يومها برر الأمر بتدريب حزب الله في لبنان “البوليساريو” وتقديم دعم مالي وعسكري لها، عبر سفارة طهران في الجزائر، وهو ما نفاه الحزب، واعتبر أنه من المؤسف أن يلجأ المغرب بفعل ضغوط أميركية وإسرائيلية وسعودية إلى توجيه هذه الاتهامات الباطلة”. وقال بيان الحزب يومها: “كان حريا بالخارجية المغربية أن تبحث عن حجة أكثر إقناعا لقطع علاقاتها مع إيران”.
هذا الاتهام، أتى قبل التطبيع بين المغرب والكيان الاسرائيلي بعامين، وكذلك بتوتر العلاقات مع الجزائر إلى حد القطيعة.
عام ٢٠٢٢، كرر المغرب عبر مندوبه لدى الأمم المتحدة عمر هلال الاتهام، مع إضافة بأن طهران وحزب الله أدخلا طائرات مسيرة إلى المنطقة لتجهيز البوليساريو بها، وأن ذلك يغير قواعد اللعبة، دون أن يقدم أي أدلة حول الأمر.
الاتهامات المغربية والتي أتت بعد اعتراف واشنطن في عهد ترامب بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، مهدت الطريق أمام الكيان الإسرائيلي للإضطلاع بدور هناك واستنادا على ذات الأمر في خطوات اتخذها لاحقا، فهو شرع بتصعيد العلاقات الأمنية والعسكرية مع المغرب، وكثف من زيارة المسؤولين الأمنيين والعسكريين منهم رئيس أركان الجيش السابق ووزير الحرب، كما عمل على شغل قواعد عسكرية وإنشاء مصنع للطائرات المسيرة، احتجت عليه حتى أسبانيا، وكذلك وضع يدا على الإشراف على مضيق جبل طارق الاستراتيجي ولو بمعية الأجهزة المغربية المختصة.
قبل أيام، أعلن المغرب رسميا اعتراف الكيان الإسرائيلي بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، وهي خطوة وضعها كتاب إسرائيليون في سياقات عدة، خصوصا مع الأوضاع السياسية المحتدمة داخل الكيان، على خلفية مشروع “التعديلات القضائية” الذي تسير به حكومة نتنياهو، إذ رأى أحذ الكتاب أن الخطوة تشكل دفعل لنتنياهو شخصيا لفك ما وصفها بالعزلة الخارجية، خصوصا مع دول خليجية طبعت العلاقات معه.
لكن ما كان لافتا، هو ما كتبه “يوسي متسري” مراسل الشؤون الخارجية في القناة 13 الاسرائيلية، والذي اعتبر فيه أن الخطوة الإسرائيلية تأتي على خلفية مواجهة النفوذ الإيراني، خصوصا مع تسليح طهران لجبهة البوليساريو بطائرات من دون طيار. لكن الصحافي الإسرائيلي نسب اتهامات الكيان لطهران إلى ما اسماه “تقارير” لم يوضح ماهيتها، وهو ما يطرح علامات استفهام في تبرير خطوات الكيان، عبر تصوير خطواتها أنها في سياق “دفاعي” لا غير ذلك.
“متسري”، اعتبر أنه عند مشاهدة الطائرات بدون طيار الإيرانية تحلق في سماء أوكرانيا، فليس لدى “إسرائيل” المزيد من الترف للجلوس مكتوفة الأيدي أمام مثل هذا التهديد”.
ورغم ما قدمه الصحفي الإسرائيلي حول خلفيات خطوة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إلا أنه قلل أن تأتي الخطوة بمردود على الكيان، حسب ما وصف.
لكن واقعا، إن المشهد يبين أمورا عدة، أبرزها إقدام “تل أبيب” على “صناعة الوهم” لتبرير خطواتها في شمال أفريقيا، عبر مزاعم مواجهة “نفوذ إيران”، وبمساندة المغرب، لكن الواقع فإن تل أبيب تعمل على التمدد في القارة الأفريقية لتحقيق مكاسب اقتصادية بالدرجة الأولى وأمنية كدرجة ثانية.
وتدور حول خطواتها شبهات تخريبية للعلاقات بين الدول او داخل الدولة الواحدة، إذ تبين مجريات الأحداث في السودان مثلا، دورا إسرائيليا يغذي الصراع للاستفاده من نفوذ على البحر الأحمر وتثبيت قواعد عسكرية هناك.
وعليه، إن تل أبيب لا زالت تمارس سياسة صناعة الوهم علانية، بهدف خطوات تؤمن مصالح لها ولو كانت على حساب أمن الآخرين، وإن كانوا “أصدقاء” لها.