السعودية تضيّق على الشاحنات السورية .. حصار من نوع آخر!
تحليل – خاص الواقع
عام 2018، حرر الجيش السوري معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهو أحد أهم شرايين الحياة لسوريا ودول الجوار.
شيئا فشيئا، أعيد فتح المعبر لكن ليس كما كان عليه قبل عام 2011 بفعل الحرب وفرض العقوبات الغربية والعربية العدوانية على دمشق.
عام 2021، وعلى إثر معارك درعا يومها، وبعد حسمها بسبل عدة، تم إعادة فتح المعبر، وحصلت توافقات سورية أردنية، وبعيدا عن الأضواء، سعودية، لفتح المعبر، وتدفق البضائع ولو بشكل محدود عبره إلى الأراضي السورية.
صحيح أن الأمر لم يكن بشكل واسع، لكنه شكل متنفسا ولو بسيطا لبعض القطاعات السورية، تحديدا الزراعية منها، إذ عاد القطاع الزراعي ليصدر منتجاته إلى دول الخليج منها السعودية، كونه نقطة عبور إجبارية أيضا للتجارة باتجاه دول الخليج البعيدة.
ومع عودة العلاقات السعودية السورية، تأمل كثيرون بتوسيع التبادل التجاري ضمن الامكانات لدى دمشق، خصوصا أن قطاع الصناعة لديها تعرض لضربات كبيرة جدا طوال سنوات الحرب، ولم يستعد عافيته بعد بفعل الدمار الذي لحق به، وكذلك العقوبات الغربية، تحديدا الأميركية، التي تطاله وتمنع استيراد معدات وقطع غيار للمصانع وحتى الشاحنات الثقيلة وما شابه.
لكن مجريات الأمور حتى الساعة، توحي بأن الحد الأقصى لاستعادة العلاقات بين دمشق والسعودية وشركائها العرب، لم يتخطى العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وهو لم ينعكس على الواقع الإقتصادي لدمشق بفعل عوامل عدة، على رأسها عدم قدرة هؤلاء لتخطي الموانع والحسابات الأميركية.
منذ مدة، يعج معبر نصيب الحدودي بالشاحنات السورية، تحديدا “المبردة” التي تحمل خضروات وفواكه باتجاه السعودية.
وقد علق مصدر سوري، كان يتحدث لصحف محلية، على الأمر مبينا أن “اشتراطات سعودية جديدة تتركز حول المواصفات الفنية للبرادات وخاصة سنة الصنع وهو ما لا ينطبق على معظم البرادات والشاحنات السورية تقف خلف تكدس الشاحنات”.
لو كانت الأوضاع عادية لكان اعتبر أن الخطوة إجرائية وعادية، لكن أن تتزامن مع تصريحات أردنية عن منع سورية دخول بضائع اردنية لها، رغم نفي دمشق للأمر مرات عدة، يضع عدة علامات استفهام.
ما هو واضح أن “الأخوة العربية” التي تحدث عنها من ترأس قمة جدة لا تصرف على أرض الواقع وأن سوريا لا زالت تتعرض لحصار عربي من نوع آخر، عنوانه اختلاق ذرائع ولو بسيطة للتأثير على الإقتصاد السوري أكثر فأكثر، وبالتالي التضييق على القطاعات الانتاجية السورية.
إن الخطوة الأخيرة للسلطات السعودية، ولو كانت مرحلية، لا تعد مساعدة لدمشق كما يروج مسؤولو ذاك البلد، بقدر ما هي مواصلة الضغط بسبل عدة على دمشق إما تلبية لتوجهات أميركية، او التزاما بسياسات الضغط لتحصيل مكاسب سياسية فشلوا في تحقيق عبر دعم الإرهاب ورعايته طوال عقد من الزمن.
تجدر الإشارة إلى ان واشنطن تحاول الاستئثار والتحكم بالماعبر السورية مع دول الجوار تحت حجة ادخال مساعدات، كما حاصل شمالا وكما تحاول عند معبر البوكمال حيث تضغط على الجانب العراقي للتحكم بكثير من الأمور،ناهيك عن استخدامها ماعبر شرعية شمال شرق البلاد.
إن تعطيل معبر نصيب هو جزء من الهجمة الأميركية لذلك لا يمكن وضع أي خطوة ضمن إطار الإجراءات الإعتيادية.