داعش ضرب في بادية الميادين .. منفعة أمريكية خالصة!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
في بادية الميادين، إلى الجنوب من مدينة دير الزور، عند طريق المحطة الثانية (T 2)، ضوب تنظيم داعش الارهابي، حافلة تقل جنودا سوريين، الحصيلة ٢٥ شهيدا وعدد من الجرحى.
الهجوم الإرهابي في أسلوبه، مكرر، فهذا النوع من العمليات استخدمه التنظيم الإرهابي قبل عام ٢٠١٤، في كل من سوريا والعراق، استهداف للطرق الحيوية، ضرب للشاحنات التجارية، واستهداف للسيارات العسكرية، والمشاهد والادلة كثيرة.
بعد اندحار داعش عن البادية السورية، وضرب سيطرته وانتشاره العسكري، نتيجة العمليات العسكرية للجيش السوري وحلفائه عام ٢٠١٧، وانتهاء سيطرته في العراق، عاد التنظيم إلى عمليات الكر والفر، أو حرب العصابات، لكن مجمل تلك العلميات في سوريا ، كانت ولا زالت تركز على طرق الوصل بين المحافظات السورية، تحديدا شرق البلاد، والطريق المؤدي إلى معبر القائم – البوكمال عند الحدود السورية العراقية.
لا نحتاج إلى كثير من الأدلة لإثبات الدور الأمريكي في تسيير تلك العمليات، ودعمها وتغطيتها. يكفي الإشارة إلى أن داعش يتخذ من الواحات وبعض القرى في عمق البادية مخابئ له، كما أنه يتحصن على مقربة من شعاع ال ٥٥ كلم الذي تحتله واشنطن في منطقة التنف حيث قاعدتها العسكرية غير الشرعية جنوب شرق سوريا.
أما الأحداث، فهي كثيرة، وتتكرر بشكل متصاعد منذ عام ٢٠٢١ تحديدا، حيث يستهدف داعش طرقا استراتيجية في بادية البوكمال، بادية الميادين، طريق كباجب الشولا شرق دير الزور، السخنة، جنوب وشمال تدمر شرق حمص، وجنوب شرق ريف حماة، وريف الرقة الجنوبي، وكلها مناطق تتضمن طرقا دولية توصل بين غرب سوريا وشرقها حيث سيطرة الدولة السورية.
لكن السؤال الآن، عن سياق التصعيد الذي بدأه التنظيم؟
يأتي التصعيد في مرحلة يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن من جهة، وروسيا وايران من جهة أخرى، خصوصا مع تقارير أمريكية تتحدث عن استراتيجية إيرانية – روسيا لاخراج واشنطن من شرق البلاد، ودعم إيراني واضخ وكبير للجيش السوري للاعداد لمعركة شرق الفرات، كما يشير الأمريكيون.
تأتي الهجمات أيضا، في ظل تعزيز واشنطن قواتها في سوريا، وتعزيز قواعدها وإعادة طائرات حربية متطورة إلى المنطقة. وكذلك إنشاء ميليشيات محلية جديدة في التنف والرقة ودير الزور، هدفها المبيت هو المشاغبة ضد الجيش السوري وحلفائه، وكذلك حماية الوجود الأمريكي أيضا، إذ أن واشنطن تتسلح بقوى محلية لتثبيت احتلالها.
من خلال هذه الأمور، يمكن فهم طبيعة تصاعد تلك الهجمات التي تخدم التموضع الأمريكي الذي يبرر وجوده بمحاربة داعش.
وأمام من يشكك بالدور الأمريكي، يكفي الإشارة إلى أن المسيرات الأمريكية لا تكاد تختفي من أجواء البادية، وهي وصل تحليقها إلى إدلب ومناطق في شرق حلب، لكنها لم تقدم على استهداف أي من مجموعات داعش في منطقة تواجدها المعلومة لدى الأمركيين، بل إنه يعمل على تأمين غطاء لتلك المجموعات في أكثر من مكان. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الجهد الأمريكي ينصب في مواجهة سوريا وقوات الحلفاء والروس لا غير ذلك.
في المحصلة، التصعيد الارهابي في هذه المرحلة مرتبط بتوجهات أمريكية لتسخين بعض الجبهات في سوريا، وهي لأجل ذلك تشغل عناصر المشاغبة منها مجموعات داعش المتفلتة في البادية، ومجموعات أخرى قد لا تكون تنتمي إلى التنظيم مباشرة، كتلك التي نفذت تفجيرات السيدة زينب، أو التي تقوم بعمليات تخريب وإقلاق وضرب أي استقرار جنوب سوريا.
إن الهجمات الإرهابية الأخيرة، والمتوقع تواصلها، تتعلق بالتوجهات الأمريكية الواضحة، ولا تنفصل عن مشاريع التخريب التي تنتهجها واشنطن على كامل الأراضي السورية.