هيرتسوغ لـ”لسعودية”: تعالوا نطبع إنه انتصار على حماس
خليل نصر الله – مختص في الشؤون الإقليمية
لم تخف السعودية سعيها للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي. هي بدأت محادثات منذ عدة أعوام. سبقت دولا أعلنت التطبيع، لكن الظروف لم تسمح لها بإعلانه.
العام الماضي، أعطت المملكة إشارات عن قطع أشواط في هذا الصدد، بعد فتح أبواب لوفود إسرائيلية للقيام بزيارات إليها، تحت عنوان “المؤتمرات الأممية”، وهي ذات المنهجية التي اتبعتها الإمارات العربية المتحدة قبل إعلان تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
بعد فوز بايدن في الانتخابات وسقوط دونالد ترامب، تمهل السعوديون قليلا، وعبروا عن نية منهجية أخرى في المنطقة، لكنها تأخرت لعام 2022، حيث دخلوا في هدنة مع اليمن ـــ لم تصل إلى خواتيم لوقف النار بعد ـــ وأعادوا العام الماضي العلاقات مع إيران، وهو ما عد في تل أبيب تسجيل نقطة لصالح الإيرانيين، حيث قال مسؤولون إن طهران سبقتنا.
مع عودة العلاقات الإيرانية السعودية، عمل الأميركيون على إعطاء التطبيع أولولية لمساعيهم، وقد نجحوا في إبقاء المحادثات بين الرياض وتل أبيب مفتوحة، بل وأعطوها زخما، وكانت الأمور قريبة من الإعلان، لكن عملية طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية التي تلتها جمدت الأمور قليلاً، دون دفن الملف. ولم يظهر رغبة سعودية في وقف هذا المسار، بل كان واضحاً أن المملكة العربية السعودية تقف عند التل، وتنتظر لمن الغلبة، وقد ابتعدت عن قيادة أي مساع واقعية للضغط من أجل وقف الحرب، بل وتصرفت كمنظمة حقوقية تطلق شعارات “غير ملزمة”.
في جولاتهم إلى المنطقة، يعبر الأمريكيون، بمختلف مستوياتهم عن ضرورة المضي بمسار التطبيع، وهم يحملون هم إتمام الأمر، لأسباب كثيرة، منها الحاجة الانتخابية لجو بايدن، الذي يطمح لولاية ثانية، وأمور أخرى تتعلق بمواصلة تشكيل المنطقة وفق تموضعات تصب في مصلحتهم.
تصر السعودية، حسب ما تعلن، على مسار تفاوضي بين تل أبيب والفلسطنيين، والمقصود السلطة، يضمن الوصول إلى “حل الدولتين”، واضافت نقطة تبدو هامشية عنوانها وقف النار في غزة، وواقعا لم يعد خافيا أن ما يعلن من شروط تخص القضية الفلسطينية لا يخرج عن إطار “بيع الوهم” فالمملكة تسعى إلى اتفاق دفاع مشترك مع واشنطن يثبت تموضعها كليا ضمن “الحظيرة الأمريكية”، كما أنها تطمح لعلاقات اقتصادية مع “إسرائيل” تزيد من موقعها في المنطقة، حسب ما يرى مسؤولوها.
في تل أبيب، حل الدولتين هو بمثابة 7 أكتوبر ثانية، وهو أمر مرفوض، ولا جدال في ذلك، لكن ثمة تصور يطرح عنوانه كما عبر الرئيس الإسرائيلي “إسحاق هيرتسوغ”، وهو أن عملية السابع من اكتوبر التي قامت بها حماس، كان أحد أهدافها تعطيل مسار التطبيع، وعليه إن “النصر على حماس” يحتاج إلى تطبيع لتعطيل الهدف.
واقعا، لم تنظر حماس سابقا على أن التطبيع يعطل مسار المقاومة، لكنها رأت فيها طعنة عربية إسلامية للقضية الفلسطينية التي يرفع الجميع لواءها، والأهم أن حماس لا تتلقى دعما وسلاحا من قبل هؤلاء، فوجهة الدعم والسلاح واضحة، وبالتالي إن فرضية تنفيذ عملية واسعة من هذا النوع، كما جرى يوم السابع من اكتوبر، وتحمل تبعاته، لا يمكن أن يكون هدفه تعطيل التطبيع، وأسبابه باتت معروفة للجميع، إلا لمن يريد إغماض عينيه والإصرار على أن لون “اللبن” أسودٌ لا أبيض.
في المحصلة، صحيح أنه لا يمكن تحميل كل ما يقوله الإسرائيليون حول السعودية للاخيرة، لكن الصحيح أيضا أن الرياض لم توقف التواصل مع تل أبيب والأميركيون يعلنون ذلك صراحة، وبعض النكران السعودي مرتبط بالمرحلة ومجريات الأحداث في المنطقة، وسنكتشف لاحقاً أن مسار “محادثات إعلان التطبيع” لم تتوقف، وأنها سارت جنبا إلى جنب مع فعاليات “موسم الرياض”.
المصدر: موقع العهد