عام على “هدن” اليمن .. الطريق إلى “حل سياسي” لم تعبد بعد
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
في الثاني من أبريل، عام 2022، وبعد موجة ضربات يمنية تحت عنوان عمليات كسر الحصار، استهدفت العمق السعودي، توصلت صنعاء والرياض إلى هدنة إنسانية تعهدت بموجبها الرياض بتخفيف الحصار عبر فتح مطار صنعاء إلى وجهات محددة وكذلك فتح ميناء الحديدة بوجه السفن الحاملة للمشتقات النفطية ووقف الغارات، في مقابل وقف صنعاء الضربات في العمق، على أن تكون الهدنة بموجته الأولى بابا لاختبار النوايا يفتح لاحقا أبواب المحادثات للتوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب.
لم تسر الرياح كما تشتهي السفن. خلال عام جددت الهدنة بوساطة عمانية ثلاث مرات قبل أن تصل الأمور في اكتوبر إلى حالة اللاسلم واللا حرب، وواقعا هي حالة حرب من دون أصوات المدافع.
بعد اكتوبر، لم تنقطع والوساطات والمفاوضات. كانت مسقط ركيزتها. وحصل تفاوض مباشر عبر وفود متبادلة سعودية ويمنية زارت العاصمتين صنعاء والرياض لكن دون نتيجة تذكر حتى الساعة، عدا التوصل إلى اتفاق بتبادل أسرى بحدود دنيا، لم ينفذ بعد.
بعد اكتوبر 2022، أطلقت صنعاء عمليات وقف نهب الثروة، ونجحت في منع السفن الأجنبية من نهب النفط اليمني. ترافق الأمر مع رفع صنعاء من سقف مطالبها لتجديد الهدنة. وطالبت بدفع المرتبات من عائدات النفط لتشمل جميع الموظفين على امتداد اليمن بما في ذلك الأراضي المحتلة في الجنوب والشرق.
عند هذه النقطة تتركز المحادثات منذ فترة. يتضح أن الرياض ليس بمقدورها حسم الأمر، بفعل عوامل عدة، في مقدمتها الموانع الأمريكية، بحيث ترى واشنطن أن صرف المرتبات وفق صيغة معينة سيعني الاعتراف بشرعية صنعاء كمركزية للقرار اليمني، على حساب ما يسمى “المجلس الرئاسي”الذي تتغطى به لتشريع تحركاتها في اليمن، سواء لجهة تثبيت وجود عسكري بما يخدم حضورها الاستراتيجي في مختلف أنحاء المنطقة، أو لجهة عدم التخلي عن أدواتها ودفعهم إلى صيغة حل مع صنعاء تنهي وجودهم فعليا ولو كانوا حاضرين في المشهد، فواشنطن تقرأ موازين القوى جيدا.
في المرحلة الأخيرة أطلق السيد عبد الملك الحوثي سلسلة مواقف. هو نصح وحذر دول العدوان بأن صبر صنعاء سينفذ وقد تضطر إلى الذهاب نحو خيارات “ضاغطة”، ومن جهة أخرى صوب نحو التواجد الأمريكي وطالبهم بالرحيل، وهو مؤشر على معرفة صنعاء بأحد أهم مكامن تعطيل الحلول، وهو الأميركي والبريطاني.
تحذيرات السيد حركت الأمريكيين، خاصة بعد التفاهم الايراني السعودي على استعادة العلاقات بنيهما، لكنه الحركة، وفق معطيات عدة، تبين مزيدا من الضغط الأمريكي على الرياض لمنعها من تقديم نا تراه تنازلا في اليمن.
واقعا، يبدو أن المشهد اليمني أكثر تعقيدا من سواه، أولا لكثرة اللاعبين الخارجيين، وثانيا لعدم جاهزية اطراف العدوان للذهاب بعيدا في التنازل لصنعاء، فيما الأخيرة تقيم أمورها جيدا، ومنحها للفرص لا يعني أنها تقف مكتوفة الأيدي.
من الواضح أن عاما من الزمن كفيل باختبار النوايا، والواضح أن الأمور لا تسير وفق ما يجب ان تسير به، وأن تقطير بعض التنارلات يعد شراءً للوقت وليس سلوكا يدل على نوايا لإنهاء الملف الانساني ومن ثم الانتقال إلى الملف السياسي.
المؤكد أن الأمور لن تبقى على حالها، ويمكن القول إن إعطاء فرصة قبل شهر رمضان المبارك، يعني أن ما سيليها لن يخرج عن إطار أصوات هدير الصواريخ والمسيرات، بحرا وبرا، إذا ما بقيت الأمور على حالها وتراوح مكانها.
ثمة من يعتقد بأن تبريد الأجواء في المنطقة، وهو مصلحة للجميع، لا يمكن له أن يبقى على حاله والحرب في اليمن قائمة. وثمة من يرى بأن صنعاء وبعد منجزات السنوات الثماني الماضية ليست بوارد المساومة على أي أمر سيادي يتعلق بمستقبل شعبها، وعليه لا بد من خطوات جدية للحل وإنهاء الحرب ورفع الحصار، وإلا التصعيد الواضح.
لا بد من الإشارة إلى أن تجديد الهدنة بمعناه الذي أطلق لأجله قبل عام قد انتهى، وسقف صنعاء بات أعلى وجهوزيتها العسكرية والشعبية في مستوايات عالية.