الاقليمايرانفلسطين المحتلة

نتنياهو غاضب من السعودية .. إيران خطفت “اللقمة” من فم “إسرائيل”!

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

مع انطلاق قطار التطبيع في منطقة الخليج، عام ٢٠٢٠، بمعية جاريد كوشنير، مستشار الرئيس الأميركي السابق وصهره، علقت آمال كبيرة على حلف يواجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ثمة ثوابت أن التطبيع بين “تل أبيب” من جهة وأبو ظبي المنامة من جهة أخرى، حظي بمباركة سعودية، على أن تكون الرياض محطة أساسية في مشروع ما سمي ب “الناتو العربي الاسرائيلي”.
كان نتنياهو رئيس الوزراء، وهو من قدم التطبيع كإنجاز قومي له تبعاته التي تصب في مصلحة الكيان.
في تلك المرحلة، لم تكتف طهران بمراقبة المسار، بل علقت صراحة عن تدفيع الثمن لكل من يمس أمنها، والرد على أي اعتداء مهما كان مصدره. فهم من التعليق الإيراني أن طهران لن تتسمح مع أي دولة تفتح أراضيها للكيان الإسرائيلي كمحطة مشاغبة ضدها.
بداية عام ٢٠٢١، في شهر يناير، وقبل تسلم إدارة بايدن مقاليد الإدارة الأميركية، سجل لقاء بين نتنياهو – بومبيو – بن سلمان في نيوم، سجلت حركة الملاحة الجوية رحلة لطائرة اقلتت من تل أبيب وحطت في جدة، كان الهدف عقد الصفقة وإحراز تقدم على صعيد تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض. يومها استهدفت جدة من اليمن بصاروخ مجنح من طراز “قدس ٢”، في رسالة بالغة الأهمية للمجتمعين هناك.
لم تتوقف المساعي، فتحت الرياض لاحقا أجواءها للطائرات “المدنية” الإسرائيلية، وبالطبيع ينم الأمر عن تواصل أمني حاصل، وكذلك فتحت أراضيها لصحفيين إسرائيليين أعدوا تقارير من هناك.
نتيجة متغيرات عدة، وابتعاد نتنياهو عن ترؤوس الحكومة بعد تكتل بمواجهته، خفت الحماسة قليلا دون أن تنتهي المساعي والوساطات، وهو ما عبرت عنه أوساط عدة، ويمكن فهمه من حركة التصريحات السعودية.
لاحقا، ومع متغيرات بدأت تشهدها الساحة العالمية، جنحت السعودية باتجاه انتهاج سياسية تعدد الخيارات، وبغض النظر عن المدى الذي يمكن أن تبلغه بسبب بعض الموانع والضغوط الأمريكية، فعملت على تقارب مع الصين، وتمايزت في أوبك بلس، إلى أن تقاربت مع طهران عبر وساطات عدة توجت بلقاء بكين الشهير الذي أعلن بموجبه استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتفعيل الاتفاقية الأمنية الموقعة عام ٢٠٠١.
المتغير، هز تل أبيب، خصوصا نتنياهو، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بتوسيع خارطة التطبيع وتحديدا مع المملكة العربية السعودية، وهو فعلا بدأ بمساع في هذا الصدد، وثمة تصريحات سعودية وإسرائيلية تؤكد ذلك دون تبنيه بشكل واضح.
لكن أمام مشهد إعادة الرياض علاقاتها بطهران وتفيعل اتفاقية أمنية، رصد في الكيان حالة من السخط، وحديث عن ضربة موجعة.
نتنياهو نفسه، وجه تحذيرا للسعوديين بأنهم اختاروا البؤس بعلاقتهم مع طهران.
جنون نتنياهو له تفسيرات عدة، أولها هو ما توفر من معطيات ل “الواقع” عن تجميد الرياض ملف التطبيع دون دفنه كليا، وهو ما يعني توقف الوساطات مع المحافظة عن ما انجز خلال المرحلة الماضية.
ثمة في الكيان من يعتبر بأن طهران سبقت تل أبيب باتجاه الرياض، وسجلت نقطة مؤلمة للإسرائيليين لاعتبارات عدة أبرزها تبعات الاتفاق وانسحابه على ملفات إقليمية أخرى من اليمن فسوريا ولبنان، وكذلك “تنفيس” حالة من الاحتقان السائد، والذي تستفيد منه “إسرائيل” كثيرا.
ويرى الإسرائيليون أن مشروعا كبيرا تعرض لضربة، وهو “الناتو الشرق أوسطي” والذي لا يمكن له الولادة دون وجود المملكة العربية السعودية نظرا لوزنها في الإقليم، وعليه هم يرون أن “اللقمة” التي وصلت إلى فمهم خطفها الإيرانيون في لحظة دولية حساسة وقلبوا الموازين. ومن الواضح الخشية الإسرائيلية من الاتفاق الذي يوظفه الإيرانيون آنيا بشكل يريح المنطقة ويرون فيه على المدى البعيد ضربة للهيمنة الأمريكية، وهو ما ينسحب على “إسرائيل” بضرر.
في المحصلة، لا يمكن الحسم بأن مسارات التطبيع قد توقفت لكنها تعرضت لضربة، ليست عادية، لأن العودة إلى المسار تحتاج إلى ظروف إقليمية ودولية خاصة، هس ليست متوفرة الآن، خصوصا مع عدم وضوح مشهد مآلات الحرب في أوكرانيا التي شكلت ركيزة لتحولات بعد قراءة موضوعية لهذا المتغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى