الأميركيون في التنف .. خدمات أمنية ل “إسرائيل”!
تحليل | خاص – الواقع
ترابض قوات الاحتلال الأميركي في سوريا في مناطق عدة شمال شرق البلاد، وكذلك في قاعدة التنف جنوب شرق محافظة السويداء عند المثلث الحدودي لدول ثلاث هي الأردن – العراق – سوريا.
التواجد الأميركي العسكري في “التنف” له غايات عدة، منها عوامل أمنية ترتبط مباشرة بالكيان الإسرائيلي.
ليس خافيا أن قاعدة التنف تؤمن إسنادا جويا لسلاح الجو الإسرائيلي في كثير من اعتداءاته في الداخل السوري، وكذلك مسار عبور لطائرات إسرائيلية معادية اتجاه العراق ومناطق شرق سوريا.
عام 2018، وعلى إثر بدء الجيش العربي السوري وحلفائه عملياتهم العسكرية في جنوب البلاد، طرحت مسألة الوجود الأميركي في التنف في التفاوض الذي خاضه الروس مع الأميركيين في الأردن. بحسب معطيات توفرت يومها، أن الأميركيين وضعوا انسحابهم من التنف مقابل سحب إيران وحزب الله قواتهم من جنوب البلاد. كما ربط الأميركيون تواجدهم على الأرض السورية بالوجود الإيراني ككل. فهم من ذلك بشكل واضح أن الأميركيين يحاكون من خلال وجودهم متطلبات أمنية إسرائيلية. يومها نقل عن مصادر موثوقة حضور ضباط إسرائيليين لتلك الإجتماعات، وأن الكيان كان يتمسك ببقاء الأميركيين في المنطقة.
تمكنت سوريا من تحرير جنوب البلاد، وبقيت مسألة التنف عالقة، ويمكن استحضار ما قاله وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم يومها: لا تصدقوا أن اتفاقا حصل في جنوب سوريا والأميركيون متواجدون في التنف.
في محور المقاومة، كان واضحا أن الأميركيين ليسوا بصدد ترك تموضعهم في التنف خصوصا أن المعركة لا زالت طويلة، بل سيعززونه، وأنهم يحققون متطلبات أمنية الإسرائيلية. وهو ما ترجم لاحقا باستخدامهم أجوائها لتنفيذ ضربات في ثلاث مناطق: حلب – شرق سوريا – العراق (2019).
يستفيد الإسرائليون من الوجود الأميركي غير الشرعي في التنف على الشكل التالي:
- إنذار مبكر يؤمنه الأميركيون.
- معبر جوي لتنفيذ اعتداءات من مناطق محددة داخل سوريا وخارجها.
- جمع معلومات استخارية بمساندة أميركية.
- إسناد جوي أميركي وبريطاني من خلال التموضع في قاعدة التنف وخلف الحدود السورية الأردنية.
- على المدى البعيد، استفادة من القدرات الأميركية، في حال وقوع مواجهة شاملة في المنطقة.
- استفادة من الدعم والإحتضان الأميركي لمجموعات إرهابية (شعاع 55)، منها تابعة لداعش، لتنفيذ أعمال أمنية تحاكي في جانب منها مصالح إسرائيلية في سوريا، كاستهداف طرق الوصل وتنفيذ ضربات أمنية لمنشآت في العمق.
- تأمين قدرة على مراقبة ما يجري في منطقة القائم البوكمال والحدود العراقية السورية التي تسيطر عليها الدولة السورية.
يتضح أن الإسرائيليين يعولون كثيراً على الوجود الأميركي في التنف وكذلك مناطق شمال شرق سوريا.
في المقابل، يقدم الأميركيون أي شيء يحاكي متطلبات أمنية إسرائيلية. وقد سجل خلال السنوات الماضية الكثير من العمليات التي استخدم فيها سلاح الجو الإسرائيلي (حربي – ومسيرات) في عملياته أجواء منطقة التنف.
عام 2021، عندما استهدفت قاعدة التنف بسبع مسيرات، كان أحد رسائلها هو الغطاء الذي يؤمنه الأميركيون للإسرائيليين انطلاقا من التنف.
أمام ما تقدم، يطرح السؤال التالي نفسه: ما الذي يعده محور المقاومة للتعامل مع الأمر؟ - نجح المحور من تنفيذ ضربات استهدفت قاعدة التنف ونقاطا أخرى، كرسائل واضحة بأن تسخير قاعدة التنف للأعمال الإسرائيلية سيلقى ردا في أي زمان.
- ضمن إعداده لمواجهة شاملة قد تقع في المنطقة، يضع محور المقاومة مقدرات في سوريا، بمقدوره من خلالها، تدمير ولجم كافة القواعد الأميركية بما فيها التنف، وهو أمر يعلمه الأميركيون ويحاولون تفاديه.
وعليه، إن الوجود الأميركي في منطقة التنف وبما يقدمه من متطلبات أمنية للكيان الإسرائيلي هو يقع ضمن أهداف قوى ومحور المقاومة في حال وقوع حرب تأخذ طابعا شاملا، وأن تدخل أي قاعدة عسكرية أميركية إلى جانب الكيان الإسرائيلي سيعني أنها باتت هدفا مشروعا.