أبرز الاحداثلبنان

نحن الجنوبيون .. لن نقبل قوات “متعددة الجنسيات” بيننا ومرحبا باليونيفيل!

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص الواقع

عام ٢٠٠٦، وخلال العدوان، وحيث كانت طائرات العدو الإسرائيلي تقصف قرانا ومددنا والبنى التحتية، كان العالم يحاول فرض قوة متعددة الجنسيات في الجنوب وعلى طول الحدود مع سوريا، وكان البند “السابع” عنوان أي قرار سيصدر لوقف النار.
نجحت المقاومة من خلال مفاجآتها وبسالة مقاتليها من الصمود حتى عند نقطة صفر من الحدود وكان القتال ضاريا، ونجحت في تعطيل كامل أهداف العدو، وحولت المعركة في أيامها الأخيرة إلى أيام استنزاف للقوات البرية الإسرائيلية الغازية.
في أروقة مجلس الأمن الدولي، بدأت اللغة تتبدل. واشنطن التي كانت ترسم ما يحقق نصرا إسرائيليا ولو سياسيا، تراجعت، ونزل مستوى المطالب من بند سابع إلى سادس، ومن قوات متعددة الجنسيات تسيج كامل حدود لبنان إلى تعزير قوات اليونيفيل جنوب لبنان ضمن مهام مراقبة وقف إطلاق النار، أو الأعمال الحربية، مع التحرك في إطار التنسيق ومواكبة من قبل الجيش اللبناني.
يومها، العديد من الدول التي أبدت الاستعداد لإرسال جنودها، أخذت ضمانات من قبل المقاومة، والأمر ليس سرا. وفي الأصل، إن المقاومة لم يسجل في تاريخها أن مست بهذه القوات.
هذه صورة الحال عام ٢٠٠٦، وبعد ١٨ عاما، لم تنفك واشنطن عن محاولة تعزيز عمل قوات اليونيفيل بما يخدم مصالح أمنية إسرائيلية عبر تعديل مهامها من “حرية الحركة” إلى القيام بالمهام التي تراها مناسبة دون تنسيق أو مواكبة من قبل الجيش اللبناني وهو ما يعني تغييرا جوهريا في عملها ويضعها موضع شبهة.
العام ٢٠٢٢، مرر بند “حرية الحركة” وتتحمل مسؤوليته مندوبة لبنان في الأمم المتحدة والطاقم السياسي في الخارحية اللبنانية، ورغم ذلك لم يطرأ أي تغيير في عمل اليونيفيل على أرض الواقع، أولا بسبب رفض المقاومة وثانيا، بسبب محاكاة اليونيفيل للوقائع وعدم قدرتها على استعداء الجنوبيين بما يحولها إلى موقع المعادي والاحتكاك الدائم مع الأهالي.
نذكر حادثة العاقبية وما نتح عنها، بعد تغيير قوة مسارها واصطدامها مع الأهالي ما أسفر عن سقوط جرحى ومقتل أحد جنود اليونيفيل، وهو نتيجة الحساسية لدى الجنوبيين الذين يتعرضون للعدوان الإسرائيلي بشكل دائم وأعماله الأمنية التي يستخدم فيها سبلا عدة.
حاليا، يجري الحديث عن إصرار أميركي عبر مسودة فرنسية، تلحظ تعديلا في مهام اليونيفيل بما يجعلها قوة عسكرية مستقلة تعمل جنوب لبنان، ويراد لها محاكاة متطلبات أمنية إسرائيلية، وهو ما يفهم من تصريح للمندوبة الأمريكية في مجلس الأمن التي عبرت عن ذلك صراحة، دون الحديث عن الخروقات الإسرائيلية والعدوان على لبنان.
أمام هذا الواقع، يمكن القول إن من عطل فرض قوات متعددة الجنسيات تعمل تحت الفصل السابع عام ٢٠٠٦، لن يسمح بتحويل اليونيفيل إلى قوة عسكرية مستقلة تعمل وفق ما تريد على أرض جنوب لبنان، ولن يسمح بالالتفاف على القرار ١٧٠١ يما تضمنه حول قوات حفظ السلام، وتحويله إلى قرار فصل سابع.
من المهم أن يتدارك الغربيون هذه المسألة جيداً، لأن أهالي الجنوب لن يقبلوا بقوة تتخطى حدود سيادة بلدهم وتمارس بعض ما كان يقوم به جيش العملاء قبل التحرير.
إن الإصرار على تعديل مهام اليونيفيل، المرحب بها شعبيا، سيحولها إلى قوة معادية فاقدة للترحيب الشعبي، وهو ما يترتب عليه الكثير من الأخطار، ليس على الجنوبيين، بل على هذه القوة.
يبقى التأكيد، إن التلويح بسحب القوة وعدم التجديد لها، لا يجب أن يشكل عاملا ضاغطا على لبنان، بل على الكيان الإسرائيلي وكذلك الدول المشاركة فيها وواشنطن.
ليس من المنطقي أن يشكل هذا الأمر عامل ضغط على لبنان، في وقت تسعى واشنطن لتعديل مهام اليونيفيل وتنظر إليها كحاجة.
لذا، وبكل وضوح، ومن صحافي جنوبي نقول: لا تخطئوا التقدير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى