بن سلمان نحو التطبيع والقضية الفلسطينية ورقة تفاوض!
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص الواقع
جملة مواقف أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال مقابلة أجرتها معه قناة “فوكس نيوز” الأميركية، أبرزها ما يتعلق ب “التطبيع” مع الكيان الإسرائيلي وتخطي مسألة “حل الدولتين” ووضعها كشرط للتطبيع.
فقد كشف ولي العهد السعودي، والحاكم الفعلي في المملكة، عن تقديم واشنطن مقترحا للتطبيع بين بلاده وتل أبيب، وأن المحادثات متواصلة ومستمرة وهي “جيدة” حسب وصفه. وعند خوضه في بعض التفاصيل، ربط بن سلمان بين اقتراب التطبيع وما أسماه “تحسين حياة الفلسطينيين”، معتبرا أنه كلما تحسنت حياة الفلسطينيين كلما أقترب التطبيع، وهو موقف يعد تراجعا سعوديا واضحا عن ما كانت تروجه الماكينية الإعلامية التابعة لهم، والمواقف التي يعلنها وزير خارجيتهم، عن أن التطبيع مقرون ب “حل الدولتين” أو حل القضية الفلسطينية.
لم يكن موقف بن سلمان مفاجئا في هذا الصدد، فقد سبقه مطلع العام وزير خارجيته فيصل بن فرحان بربطه التطبيع بما أسماه يومها “مسار تفاوضي إسرائيلي – فلسطيني” ينهي الصراع.
ما كان ملفتا في تصريحات بن سلمان هو حديثه عن الممر بين الشرق والغرب، أي مشروع سكك الحديد الذي يربط الهند بأوروبا عبر منطقة غرب آسيا، الذي يقلل من الوقت ويوفر الكثير من المال. هذا الموقف يعطي صورة عن تخطي الكثير من العقبات للوصول إلى التطبيع، هو بموقفه تخطي مسألة العقد التي يتم الحديث عنها، ويدحض الكثير مما تورده تقارير غربية عن عقد تشوب المحادثات عنوانها فلسطين. ربما العقد تكمن في ما يحاول بن سلمان تحصيله كمقابل أكثر مقبولية لتقديم التطبيع، أبرزه اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن والتي يمكن ان يعمل عليها ولو كانت تصطدم ببعض العقبات الداخلية الأميركية.
يتصرف بن السلمان وكأن التطبيع قد أنجز، فهو تخطي مسألة الاستحالة في هذا الصدد. هو يريده، وكل سلوكه يؤكد الأمر.
وعليه يمكن تسجيل عدة ملاحظات:
- أن واشنطن نجحت في إحياء محادثات التطبيع بعد تجميدها سعوديا بشكل مؤقت بعد توقيع اتفاق استعادة العلاقات مع طهران.
- أن واشنطن تضع التطبيع كأولوية في هذه المرحلة، خصوصا من قبل إدارة جو بايدن والتي يمكن أن تستثمر بها في الانتخابات الرئاسية.
- أن واشنطن نجحت في إقناع الرياض بشبك علاقات مع تل أبيب بالتوازي مع شبك علاقاتها مع طهران، تمام كما فعلت الإمارات العربية المتحدة.
- أن الطرف السعودي ومن خلال تراجع شروطه، هو قابل لتقديم مزيد من التنازلات أمام الاغراءات الاقتصادية التي تقدم.
- أن الشروط التي تطرحها سعودية في الإعلام هي شروط وهمية.
- أن بن سلمان الطامح نحو تغير وجه السعودية وتحقيق رؤيته لعام 2030 يريد تشبيك العلاقة مع الجميع وفق ما يراه مصلحة للمملكة.
- ما طرحه بن سلمان عن “تحسين حياة الفلسطنيين” يبين عن نجاحه في الضغوطات على سلطة رام الله والتي زار موفدين منها الرياض الشهر الماضي تزامنا مع وصول ممثل أميركي إليها.
يبدو واضحا من خلال مواقف ولي العهد السعودي أن هناك خطوات على طريق إعلان التطبيع قد أنجزت، وما يجري هو محاولة تحصيل قدر الإمكان من المكاسب قبل إعلان التوصل إلى علاقات.