الشرق السوري .. واشنطن تثبت “الدويلة” و”مسد” تقطع التواصل مع دمشق
تحليل | خاص الواقع
لم تكن الاشتباكات بين بعض العشائر العربية شرق دير الزور وقسد، مجرد حدث عابر. كل المعيطات المؤشرات تدل على إدارة أمريكية وفق قاعدة: رابح رابح.
لم تسحب واشنطن ورقة جيش العشائر من جعبتها. تركتها لمراحل لاحقة. نجحت، من خلال دعم قسد وتقديم مغريات لعشائر عربية – لم تنخرط في الصراع – وتحييدها وموجة الاتهامات لمن قاتل قسد، كانت تصب في خانة الدعم السريع- الإيراني – التركي، علما أن من قاتل كان يناشد التحالف وينفي أي روابط له بالدول الثلاث، نجحت في إنهاء الأمور وفق رؤيتها.
وبعد شهر على الاشتباك، وما نتج عنه، يتضح أن الأمريكيين ومن خلال عدة خطوات عملوا على تثبيت وجودهم، فهم هدأوا الأمور، ونسقوها وفق مصالحهم، لا مصالح الشعب السوري.
ذهبت واشنطن نحو فتح قنوات اتصال جديدة مع القوات الروسية في سوريا، عنوانها وضع الأخيرة في صورة أي عمل لمكافحة الإرهاب، كنوع من التراجع عن السقف العالي الذي يتهم موسكو بإدارة عمليات إلى جانب إيران ضد الوجود الأمريكي.
تزامن ذلك مع إنهاء تداعيات الاشتباك الذي حصل بين عدد قليل من الشعائر العربية وقسد، عبر تثبيت الأخيرة كقوة واحدة، مع منح جزء كبير من الشعائر امتيازات لا سيما في الحسكة وريفها ووصولا إلى شرق دير الزور نفسه، وهو ما يفسر تراجع الاندفاعة لكثير ممن دعوا إلى حمل السلاح.
تلا ذلك، خطوات سياسية، في منطقة مستثناة في كثير من قطاعاتها من قانون قيصر، منها تفعيل البعثة الدبلوماسية الأمريكية في الحسكة، وهو ما يؤشر إلى احتمال فتح سفارة مؤقتة أو شبه دائمة تعمل من هناك، على قاعدة أن لا علاقة مع دمشق واعتراف بشرعيتها وهناك ضرورة لتفعيل العمل الدبلوماسي، وهو ما يشبه خطوات حصلت في العراق، وتحولت لاحقا إلى الوضع الذي نشهده الآن، من خلال ممثلية أمريكية، شبه سفارة في إقليم كردستان العراق.
وما يعزز فرضية فتح سفارة ولو مستقبلا هو دفع “مسد” إلى قطع اتصالاتها بدمشق، حسب ما أعلنت، أمينة عمر، الرئيسة المشتركة لمسد، في تصريح لإحدى المواقع المحلية لها، مشيرة إلى أن قطع التواصل يأتي على خلفية مزاعم دعم دمشق لتحرك العشائر، وأن اللقاءات السابقة لم تأت بحل للأزمة َلا فائدة منها.
وإذ يعتبر قطع التواصل أمرا مضرا بمسد نفسها، إلا أنه يؤشر إلى مدى انصياعها للإرادة الأمريكية وتنفيذ رغبات واشنطن، وأحد سبل الضغط الأمريكية على دمشق، وفق منظورهم.
أمام هذا المشهد، وفي قراءة الوقائع، يتضح أن أقصى ما يمكن تفعله واشنطن في ظل تعثر مخططها التقسيمي، والاخفاق في قطع التواصل البري بين بغداد ودمشق عبر البوكمال، وعجز تام عم إمكانية إسقاط الدولة السورية، وسقوط اختبار السويداء، هو تثبيت “الدويلة” لأطول فترة ممكنة، والتعاطي مع الشرق السوري كجزء منفصل مع دمشق، وتوسيع التعاون الاقتصادي معه، ولو كان غير شرعي.
إن واشنطن بشكل عام، ليست بوارد تغيير استراتيجيتها اتجاه دمشق، وهي تفعل كل ما هو ممكن لإبقاء وجودها على الأرض السورية، لأنه يخدم مصالح استراتيجية لها، منها ما يتعلق بالمنطقة وازدهارها والتواصل بين دولها، ومنها ما يتعلق بطريق الحرير، وهو ما تعبر عنه الخطوات التي تجري على الأرض.
ورغم الترتيب الأمريكي الذي اوضحناه أعلاه، إلا أن الأمور مفتوحة على الاحتمالات كافة، خصوصا في ظل انعدام بوادر أي تسوية، ومواصلة سياسة الضغط على سوريا.