رغم عدوان واشنطن، صنعاء تستأنف الإسناد العسكري لغزة.. ضرب في العمق ومنع الملاحة الإسرائيلية
خاص – الواقع | خليل نصرالله – صحافي مختص في الشؤون الإقليمية
لم تكاد تعلن “تل أبيب” إعادة حصار قطاع غزة المنكوب، وبتغطية أميركية، ومنع الغذاء والماء والدواء والكهرباء والمأؤى عن شعب أعزل بهدف تركيعه، حتى بادرت صنعاء إلى استئناف قرار منع السفن الإسرائيلية من العبور في البحرين العربي والأحمر وخليج عدون، ضمن سياسة الحصار مقابل الحصار.
مباشرة، فعلت واشنطن ورقة الحديد والنار، وشنت عدوانا واسعا ومتواصلا ضد اليمن، معللة ذلك بتأثير الحصار الذي يفرضه اليمن على التجارة العالمية، وأن صنعاء أثرت في الأسواق الأميركية بعدما استهدفت سفنا أميركي على مدى عام ونيف مضى.
تعليل أميركي يشكل واجهة لإسناد “إسرائيل” وهو ما تقر به حتى أوساط أميركية وإقليمية، ناهيك عن رسائل اتجاه طهران التي تؤكد أن لا علاقة لها بما يقدم عليه اليمن، وأن قرار صنعاء في صنعاء.
لم يغير واقع العدوان من أمر، فقد تصدت له صنعاء بما لديها من قرات عبر سلسلة استهدافات للمدمرات الأميركية وحاملة الطائرات، مع تأكيد على امتلاك أوراق أثر تأثيرا قد توضع على الطاولة مع تصاعد العدوان الأميركي.
لكن التطورات أخذة بالتسارع، حيث استأنفت “إسرائيل” حربها العدوانية على قطاع غوة فجر الثلاثة 18-3-2025، عبر سلسلة هجمات جوية أسفرت عن استشهاد ما يزيد عن 500 مدني فليسطيني ومئات الجرحى وهو ما دفع صنعاء إلى إعادة تفعيل ورقة استداف العمق الاسرائيلي، وافتتحت القوات المسلحة اليمنية أولى عملياتها باستهداف قاعدو “نيفاتيم” الجوية جنوب الأراضي المحتلة بصاروخ فرط صوتي من طراز فلسطين -2، مع توعد بتصعيد الضربات نحو اهداف واسعة خلال الساعات والأيام المقبلة ما لم يقف العدوان على القطاع.
ويأتي التصعيد اليمني في مواجهة التصعيد الإسرائيلي – الأميركي في مرحلة حساسة ويحمل دلالات عدة أبرزها:
- أن الساحات أو الجبهات الاسنادية لا زالت فعالة ولو من باب اليمن، الذي أخذ على عاتقه المبادرة سريعا.
- أن العدوان الأميركي مهما بلغ حده لن يغير من واقع القرار اليمني، بل ولن يمنع من تصعيد الضربات وتنويعها بحرا وبرا.
- أن الردع الأميركي – الإسرائيلي لا زال عرضة للتهشيم، وهو ما تنظر إليه واشنطن بكثير من الخطورة.
- أن صنعاء مصرة على سلوك طريق تثبت من خلالها حقها السيادي بحرا ومنع عسكرته أميركيا لحسابات عدة منها إسرائيلية.
وعليه، إن الإسناد اليمني وما تتعرض له صنعاء من عدوان، والرد المزدوج اتجاه تل أبيب والوجود الأميركي، يعد جرأة لا مثيل لها وفقا للظروف، وهو أكثر فعالية ما مضى، خصوصا مع “النشوة” الاسرائيلية بعد اغتيال الشهيد السيد حسن نصرالله في لبنان وقادات من الصف الأول، والتوسع في سوريا واحتلال جزء كبير من الأرض.
ما يفعله اليمن، لا يصب في مصلحته فحسب، بل في مصلحة القضية الفلسطينية التي تواجه تحديات وجودية، خصوصا مع طرح مشاريع التهجير والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، ومشاركة دول عربية وإسلامية في تعويم “إسرائيل” من بوابة تفعيل مشاريع التطبيع والدفع باتجاهها.