هل تُلدغ روسيا من الجحر مرتين ؟
عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية .
في أواخر سنة 2022 أكد الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند تصريحات المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، بأن اتفاقات “مينسك” سمحت للجيش الأوكراني أن يصبح أقوى و”عرقلت الهجوم الروسي لبعض الوقت”وبتاريخ 11 أيار / مايو من الشهر الجاري اعتبر المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم بأن عرض روسيا خوض مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا هو “مؤشر جيد” لكنه “غير كاف إطلاقا”، داعيا موسكو للموافقة على هدنة مدعومة أوروبيا مدتها 30 يوما.وأفاد ميرتس في بيان اوردته”فرانس برس”:”نتوقع من موسكو الموافقة على وقف لإطلاق النار يفسح المجال لإجراء محادثات حقيقية. أولا، يجب وقف القتال ومن ثم يمكن للمحادثات أن تبدأ”.ويبدو ان حرب ستأخذ منحى مختلف بعد الدعوة الأميركية والأوروبية لوقف فوري للعمليات قبل الشروع بالمفاوضات وهو ما جاء على لسان فولوديمير زيلينسكي بضرورة إنه ينتظر من اتخاذ روسيا لخطوة حاسمة بوقف إطلاق النار، وأعلن استعداده للقاء بوتين وجها لوجه في إسطنبول الخميس المقبل، داعيا الروس إلى عدم البحث عن “ذرائع” لتعطيل هذا اللقاء الذي لم يحدث قط منذ بدء الحرب.لكن وزير خارجيته أندريه سيبيغا شكك في جدية الجانب الروسي، مرجحا أنهم “لا يمتلكون الشجاعة” لخوض حوار مباشر، وفق تعبيره .كما ان المشهد ازداد تعقيدا خلال الأيام القليلة الماضية في ظل زيارات قام بها قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبولندا إلى كييف، حيث نسقوا مواقفهم مع واشنطن بشأن خطوات موحدة تتضمن إنذارات واضحة لموسكو وهو ما يمكن اعتباره نوعاً من الضغوط ووضع الكرة في ملعب روسيا .والسؤال هنا : هل تستطيع روسيا ان تتوقف عند الحد الذي وصلته بما يرتبط بانجازات الميدان وهل ستتخلى عن مطالبها الرئيسية التي تتجاوز وقف اطلاق النار او ان الأمور ستتجه الى ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات تركيا بين الجانبين الروسي والأوكراني وهو الاتفاق الذي تنصل منه زيلنسكي سريعاً بناء على مطالبات غربية ؟وقد تمكن الطرفان المتحاربان من الاتفاق على الخطوط العريضة للسلام، إذ التزمت أوكرانيا، وفقا للمادة الأولى من مشروع الاتفاق، “بالحياد الدائم”، متخلية عن أي عضوية في تحالف عسكري، مما ينهي طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي .كما أعلنت كييف أنها مستعدة لعدم “تلقي أو إنتاج أو اقتناء” الأسلحة النووية، وعدم السماح بوجود أسلحة وقوات أجنبية على أراضيها وعدم وضع بنيتها التحتية العسكرية، بما في ذلك مطاراتها وموانئها البحرية، تحت تصرف أي دولة أخرى، كما تخلت عن تنظيم مناورات عسكرية بمشاركة دول أجنبية والمشاركة في أي صراع عسكري.إضافة الى ذلك تضمن الاتفاق اعترافاً أوكرانيا غير مباشر بوضعية شبه جزيرة القرم.واذا ما قاربنا المسألة من جوانب أخرى وربطاً بما حققته روسيا بخصوص جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتي زاباروجيا وخيرسون فهل ستتخلى أوكرانيا عن هذه المناطق ؟ أسئلة كثيرة مطروحة ويلزمها أجوبة واضحة لكن رأيي الشخصي انه على الروس الإنتباه كثيراً حتى من ترامب نفسه وان يكونوا في اعلى مستويات الحذر من تكرار تجربة منح الوقت لاوكرانيا لاستعادة القدرة على تنظيم أوضاعها والإنقضاض على أي اتفاقيات يمكن ان يتم التوقيع عليها خصوصاً ان لا توجد مؤشرات واضحة يمكن الإعتماد عليها بتأكيد إمكانية الوصول الى اتفاق .




