“حزام الأمن البحري” .. رسالة مزدوجة
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع
مناورات بحرية مشتركة، صينية – إيرانية – روسية، شمال المحيط الهندي، بدأت الأربعاء وتسمتر لخمسة أيام.
مطلع العام الماضي أجريت مناورات مشابهة. كانت رسائلها واضحة في ذاك الوقت. تلقف الأميركيون المناورات بريبة، وتعاملوا معها من موقع المزاحمة في تلك المنطقة الإستراتيجية، حيث مسارات النفط.
واشنطن التي أخفقت عام 2019 بوضع يد في مضيق هرمز للتشويش على طهران ودورها في أمن البحار، وتثبيت السيطرة، عمدت إلى تشكيل تحالفات بحرية، وعمدت إلى إجراء أكثر من مناورة في البحر الأحمر والخليج، كنوع من الرد ومحاولة تثبيت وجودها البحري الذي يتركز في المنطقة لأسباب عدة منها ما تضعه في سياق “التهريب” وأخرى ذات بعد أمني.
الأعوام الثلاثة الماضية، شهدت عدة حوادث، في ظل تفعيل طهران المزيد من قدارتها البحرية، وتوسيع شراكاتها لتشمل الصين وروسيا.
تتزاحم في منطقة الخليج والمحيط الهندي والبحر الأحمر السفن البحرية، خاصة في الممرات الإستراتيجية، ولما لشمال المحيط الهندي والبحر الأحمر من أهمية كونه الممر البحري الإجباري شبه الأوحد بين الشرق والغرب.
حضور الصين وروسيا عبر البوابة الإيرانية وبمبادرةٍ من طهران نفسها، له حساباته، تحديداً بعد الحرب في أوكرانيا التي يديرها الغرب بمواجهة موسكو.
تعد المناوارت التي إنطلقت الأربعاء الأولى بين الدول الثلاث بعد حرب أوكرانيا، وتأتي في ظل توجيه واشنطن سهامها بإتجاه التكتلات الشرقية، وسعيها لمنع أو عرقلة أي تعاون ينشأ، ترى فيه خطراً على مصالحها أو تهديداً لسطوتها البحرية التي تطوع لها دولاً في المنطقة.
من هنا، يمكن فهم فحوى الرسالة الأولى الموجة بإتجاه واشنطن، يمكن فهم ذلك من اسم المناورة أيضاً وهو “حزام الأمن البحري”.
وفي ظل تعزيز التعاون وتحديد أهدافه الأمنية والبحرية، تأتي المناورة في ظل “التفاهم” الذي رعته “بكين” بين طهران والرياض، وهو ما يعطي رسائل إيجابية بإتجاه دول المنطقة.
بغض النظر عن تبدلات واسعة في السياسية السعودية، التي تتموضع ضمن منظومة أمنية بنتها وتعززها الولايات المتحدة الأمريكية، وتضمُ إلى بعضها الكيان الإسرائيلي، إلا أن الشراكة البحرية الصينية الروسية الإيرانية، تعطي مؤشراً على إمكانية توسيع التعاون لتشمل دولاً تدور في الفلك الأمني، على رأسها الرياض.
رسالة المناورة إتجاه دول الخليج تحديداً، هي إيجابية، ومن المفترض أن تكون مطمئنة كونها تحاكي الأمن البحري للجميع.
وعليه، إن رسالة المناورات مزذوجة، الأولى إتجاه واشنطن التي تشاغب وتحارب أي تكتل دولي، أو إقليمي، وتمنع وتضرب أي بارقة أمل لمنظومة أمنية إقليمية تحفظ أمن البحار، عبر القول إن الساحة البحرية ليست محصورة بكم.
أما الثانية، فهي رسالة تعاون مفتوحة لأي من دول المنطقة حال جنحت بإتجاه منظومة أمنية تكون هي من صمن أعمدتها إلى جانب طهران.