“إسرائيل” وارتفاع منسوب القلق من تقارب إيران مع جيرانها .. وعين على مصر
خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص الواقع
لم يكن “التفاهم” السعودي الإيراني لاستعادة العلاقات الذي وقع في الصين محل ترحيب في “إسرائيل”. نُظر إليه كضربة مزدوجة ل “تل بيب” وواشنطن، وهو ما عبرت عنه أوساط إسرائيلية. كما وشكل “التفاهم” مادة للتراشق الداخلي على ضوء الأزمة السياسية الحادة بين بنيامين نتنياهو ومعارضيه.
ويرى معلقون إسرائيليون أن تفاهم الرياض – طهران يعد ضربة لمساعي تل أبيب الرامية إلى إنشاء حلف يجمعها مع دول خليجية بمواجهة إيران. من هنا وصف “التفاهم” على أنه تحول على صعيد الشرق الأوسط، وفق بعض التقديرات الإسرائيلية.
بغض النظر عن المسار الذي ستسلكه العلاقات السعودية الإيرانية، وإنعكاسها على ملفات عدة في المنطقة، إلا أنه من المنطقي أنه – بالنسخة والشكل الأولي – يفرمل مشاريع أخرى أو يحد من وهجها، ولو لفترة من الزمن، كمشروع مواصلة تثبيت ما سمي ب “الاتفاقيات الإبراهيمية” التي بدأت في عهد دونالد ترامب وتراهن عليها “إسرائيل” لتوسيع علاقاتها وتحالفاتها وفق مصالحها. كما أنه يضرب بعض مرتكزات ما عرف ب “صفقة القرن”.
لم تتوقف التعليقات الإسرائيلية عند حد تفاهم طهران – الرياض، بل صوبت باتجاه توسيع إيران مروحة التقارب مع دول خليجية أخرى منها الإمارات. وهنا من الواضح أن الإسرائيليين ينظرون للأمر بعين الخطورة، بعدما نسجوا علاقات أمنية وعسكرية واقتصادية مع أبو ظبي على مدى العامين والنصف الماضيين.
الهاجس الإسرائيلي سرعان ما تحول إلى واقع، مع زيارة الأمين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، والذي عقد لقاءات مع رئيس البلاد محمد بن زايد، ومستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد، ونائب رئيس دولة الإمارات محمد بن راشد. ولعل ما سيتوقف عنده المعنيون في تل أبيب هو ما صرح به بن راشد حول عدم السماح لاستخدام الاراضي الإماراتية للإعتداء على طهران. في هذه النقطة يفهم ما دار بين الجانبين الإماراتي والإيراني من تفاهمات وتعهدات أمنية، وتصريح بن راشد يعد “بطاقة حمراء” بوجه تل أبيب التي تحاول توسع التعاونين الأمني والعسكري – إلى جانب العلاقات الإقتصادية – مع أبو ظبي بهدف توجيهه لاحقا ضد طهران، حال قرر الإسرائيليون شن ضربات للبرنامج النووي الإيراني.
على صعد آخر، تتحدث أوساط إسرائيلية أبعد من ذلك، إذ تعتبر أن التفاهم السعودي الإيراني، سيجر معه تفاهمات بين طهران ودول أخرى منها البحرين في الخليج، والتي ثبتت “تل أبيب” معها تعاونا أمنيا كبيرا، ومصر في المغرب العربي.
مواقع إسرائيلية توقفت عند احتمال انسحاب تفاهم الرياض – طهران على العلاقات بين الأخيرة وجمهورية مصر العربية. ينظر الإسرائيليون إلى أن أي تفاهم مصري إيراني مرتقب، يؤدي إلى رفع مستوى العلاقات واحتمال توسعها لاحقا إلى علاقات أمنية، من زوايا عدة أبرزها هو الموقع الجيوغرافي لمصر، الملاصقة لفلسطين المحتلة ومنها قطاع غزة الذي تربطه مع إيران علاقات واسعة ورؤى موحدة في تشخيص المخاطر.
قد تعتبر تل أبيب أن تطور العلاقات بين القاهرة وطهران سيصب، إلى جانب العلاقات بين البلدين، في مصلحة فصائل المقاومة الفلسطينية، وقد يسهل من الدعم الإيراني إلى قطاع، غير المحصور بالسلاح.
لا يخفي الإسرائيليون قلقهم في هذا الصدد، ويمكن التقاط إشارات عدة، وقد يعتبروا أن أي علاقة بين مصر وإيران قد تشكل تهديدا لأمنهم القومي. وعليه يجب التنبه من “المشاغبة” الإسرائيلية لتعطيل التفاهمات، ولإسرائيل باع طويل في هذا الصدد.
صحيح أنه من المبكر تقييم مسار التفاهمات بين طهران ودول المنطقة والمدى الذي يمكن أن تبلغه، لكن الأكيد أن الإسرائيليين ومعهم الأميريكون سيقدمون على خطوات “مشاغبة” ما إن يروا مصلحة لهم في ذلك.
وأمام المشهد العام، ومن خلال ما يصدر من “تل أبيب” وواشنطن، يتضح أن أي تقارب بين دول المنطقة يعزز من أمنها وإزدهارها ويقلص من الدورين الأميركي والإسرائيلي المنصبين على التخريب وبث الحروب وتغذية النزاعات.