اليمن

هل تسلم صنعاء للرياض بدور الوساطة، وما خطورة ذلك؟

خليل نصرالله -مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

تقدم واضح في المحادثات اليمنية السعودية عبر الوساطة العمانية. مشهد اجتماع الرئيس مهدي المشاط بوفد الوساطة العماني ووفد التفاوض السعودي في القصر الجمهوري، وإبراز مشاهد الود والاحترام، ينم عن تخطي نقاط كانت عالقة بين الطرفين، وهي لا تخرج عن إطار الملف الإنساني، الذي لطالما استخدم كورقة ضغط بمواجهة صنعاء لتحصيل تنازلات سياسية، وهو ما لم يحصل.
لكن ما رافق زيارة الوفد السعودي الذي ترأسه سفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر، من حملة إعلامية وتصريحات سعودية حول دور الوساطة أثار امتعاضا لدى اليمنيين وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول.
لا يخفى إذا ما عدنا 7 أعوام إلى الوراء، حين عطلت الرياض محادثات الكويت التي جمعت الأقطاب اليمنية. لم يكن التعطيل هدفه منع الحل، بل سعي الرياض إلى حل يناسبها يقضي بإبقاء يد لها في القرار اليمني، من جهة، ومن جهة أخرى ضرورة خروج الحل من الرياض وليس من أي عاصمة أخرى حتى لو كانت خليجية. مرد الأمر إلى حالة في المفهوم السعودي على أن المملكة دولة قيادية في المنطقة ولا يمكن لها أن ترضخ ل “فئة”كما تشير باتجاه صنعاء باعتبار أن المشكلة مع أنصار الله وحلفائها.
بالعودة إلى المستجد، ومع المتغيرات التي حصلت والتي أدت إلى تراجع سعودي واضح، سواء اعترفت الرياض بذلك أو أنكرته، يبدو واضحا أن للمملكة اعتباراتها لعدم التسليم بحقيقة التفاوض من الند إلى الند مع صنعاء. هي إن سلمت بالأمر علنا ووقعت اتفاقا ثنائيا فهي تعترف بشريعة صنعاء كمركز للقرار اليمني، وهو ما يسقط مباشرة أي صفة رسمية للمجلس الرئاسي وباقي التوابع، وهو ما ينقل الرياض إلى مرحلة جديدة في التعاطي مع الجار الجنوبي. هي أيضا، لا يمكنها، حتى الساعة، تخطى الفيتو الأمريكي في هذا الصدد، وهو أمر تعكسه الوقائع. الاعتبار الثالث هو أن التوقيع “الثنائي” سيعني الانتقال مباشرة إلى محادثات سياسية وترتيبات أمنية تعلن بموجبها الرياض وقف الحرب وسحب قواتها. مجريات الأمور توضح أن لا جاهزية سعودية كلية للأمر لعدة عوامل وهي تسعى لوقف إطلاق نار وهدنة، لا إلى حل دائم وسحب قواتها.
أمام ما تقدم، يطرح السؤال نفسه، هل يمكن أن تقبل صنعاء لنفسها قبول ما تروجه السعودية عن دورها كوسيط وفق “مبادرة” 2021، وهي شروط وليست مبادرة؟
ببساطة، إن التأكيد المستمر للسيد عبد الملك الحوثي، والمجلس السياسي الأعلى، على محورية السعودية كبلد معتد، يبين أن صنعاء ليست بوارد تقديم هذه الورقة، لأن ما سيترتب عليها خطير للغاية. فهي بذلك تؤكد ما رفضته لأعوام عن أن الحرب هي داخلية وليست خارجية، وأن الاشتباك هو مع قوى يمنية وليس المملكة العربية السعودية. وهو ما سيضعف موقفها التفاوضي الآن ومستقبلا.
ما عبر عنه مسؤوليون يمنيون يبين بوضوح أن النقطة العالقة الآن هو شكل توقيع الاتفاق، الذي تريده صنعاء مباشرة مع الدولة التي تقود العدوان، في وقت تريده السعودية بين اليمنيين أنفسهم، وهو ما لا يمكن الركون إليه والتسليم به يمنيا.
لا بد من مراقبة المشهد خلال الأيام المقبلة، فلا زال الشيطان يكمن في تفاصيل عدة، بعضها جوهري، قبل الحديث عن ترتيب نهائي للملف الإنساني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى