تقدير “الواقع”: المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أخطأت التقدير
تقدير موقف | خاص – الواقع
لا نحتاج إلى انتهاء جولة القتال الدائرة، بغض النظر عن احتمالية تطورها، لنخلص إلى سوء تقدير للموقف وقعت فيه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ومعها الطاقم السياسي على رأسه رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” الطامح إلى معالجة أزمته الداخلية والاستفادة من أي تصعيد أو اشتباك أو أعمال أمنية خارج البلاد.
فيما يتعلق بالجولة الحالية. الواضح وفق تقديرات المعركة وما سبقها، أن المؤسسة الأمنية ومعها طاقم نتنياهو قدرا معركة ليومين أو ثلاثة يتحكمون بمسارها، ويحصرونها في اشتباك مع حركة الجهاد الإسلامي حصرا. تنجح من خلالها المؤسسة الأمنية والعسكرية من الحديث عن بداية استعادة شيء من قوة الردع الذي يعترف الجميع في “إسرائيل” أنه تقلص إلى حدود خطيرة. فيما ينجح نتنياهو من تقديم “الإنجاز” لنفسه أمام الجمهور الإسرائيلي من جهة، ويتقدم بنقاط على خصومه، كما ينجح بشد ائتلافه الحكومي الذي يشهد تصدعان باتت واضحة.
ما حصل حتى الساعة من خلال مسار المعركة يوضح التالي وهو ما يعني أن سوءا في التقدير وقع فيه الجميع في الكيان الاسرائيلي:
- قدر العدو من خلال عمليات اغتيال قادة سرايا القدس إفقادها توازنها وإحداث خلل في بنيتها العسكرية يصرفه في الميدان، فإذا بسرايا القدس ترمم بنيانها العسكري سريعا وتدير المعركة باتقان وتكتيكات عالية المستوى بمشاركة غرفة العمليات المشتركة.
- قدر العدو من خلال عملية الاغتيال ردا سريعا ضمن نطاق محدد، ليتفاجئ برد مدروس ومتقن وبشكل متصاعد.
- قدر العدو معركة ليومين أو ثلاثة بالحد الأقصى، لتمتد على مدى أربعة أيام ودخلت يومها الخامس.
- قدر العدو ردا من قبل سرايا القدس منفردة، لكن الرد كان بإدارة غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطنية مجتمعة، أي بمشاركة الجميع.
- قدر العدو إحداث تحسين على مستوى “قوة الردع” لمصلحته، فإذا بالردع يزداد تآكلا مع مواصلة المقاومة توجيه ضرباتها والتحكم بها بما يؤلم الإسرائيليين.
- قدر العدو بأن يمتلك زمام المبادرة وحده ويتحكم بمسار المواجهة وحده، فإذا بالمقاومة تمتلك زمام المبادرة وتتحكم المواجهة وفق مقتضيات الميدان والسياسة في آن.
- قدر العدو رضوخا فلسطينيا لمعادلة التهدئة مقابل التهدئة بما يبقي يده مفتوحة لأعمال أمنية واغتيالات في غزة، فإذا بالمقاومة ترفع من مستوى شروطها وتطالب باتفاق مكتوب غير مباشر يتعهد فيه العدو بوقف سياسة الاغتيالات.
- قدر العدو أن يفكك الساحتين في غزة والضفة، فإذا بعمليات المقاومة هناك تحافظ على وتيرتها وهو ما يلمس من خلال بيانات المقاومة في الضفة المحتلة.
هذه العناصر توضح أن خطأ في التقدير وقع فيه العدو، ووجد نفسه محاطا بمعادلات في غزة والمنطقة لا تسمح له بتجاوز الحدود، وفي ذات الوضع بعدم قدرة سريعة للتراجع، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التقديرات الخاطئة التي يحتمل أن تؤدي إلى توسع المواجهة خصوصا مع مؤشرات أتت من لبنان بعد خظاب السيد حسن نصرالله.
ختاما، لا يمكن استبعاد التوصل لاتفاق وقف نار وفق شروط المقاومة، لكن الأكيد أن ما كان عليه الوضع قبل تفعيل العدو سياسية الاغتيالات، سيفرض نفسه من جديد، ما يعد ضربة لأهداف الجولة الحالية من جهة كافة، ونقطة تقدم تسجل لمصلحة المقاومة.