سوريا

واشنطن ترفع منسوب “الاهتمام” شمال شرق سوريا .. “ميلي” يحط هناك، ما الهدف؟

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص “الواقع”

لم تتوقف الزيارات الاميركية، بطرق غير شرعية، إلى مناطق شمال شرق سوريا. منذ عام ٢٠١٤ تسعى واشنطن الي تثبيت منطقة “إنفصالية”. عملت على دعم فئات “كردية” وأخرى “عربية” من أجل تثبيت سطوتها، واستخدام المنطقة النفطية والزراعية كاداة ضغط بمواجهة دمشق من جهة، ومن جهة أخرى المرابطة في منطقة استراتيجية تعمل من خلالها على فصل دول وقوى محور المقاومة عن بعضها البعض.
وفي هذا الاطار، حط رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة “مارك ميلي”، وهو أعلى مسؤول عسكري أميركي يزور تلك المنطقة، في شمال شرق سوريا. تحدث ميلي عن حماية جنود بلاده هناك، والمهمة في محاربة تنظيم “داعش” الارهابي. لكن التمعن في الزيارة وتوقيتها تدلل على أهداف أخرى، واكثر استراتيجية بالنسبة لواشنطن.

تأتي الزيارة في وقت ارتفع منسوب الاشتباك بين الاميركيين المحتلين، وقوى مقاومة في منطقة شمال شرق سوريا. خلال الفترة الماضية عمد الاميركيون إلى المشاغبة عبر سبل عدة، ما استدعى ردا عبر استهداف قواعدهم غير الشرعية خاصة جنوب شرق وشرق سوريا.

لكن زيارة، مسؤول عسكري رفيع المستوى، تبين ان الاميركيين اعادوا رفع منسوب الاهتمام في تلك المنطقة، ويبدو ان “ميلي” حضر لإعادة ترتيب شيء من الأوراق وتقييم عمل قوات بلاده إن لجهة التموضع، او ادارة تلك المنطقة عبر المجموعات الانفصالية.

تؤشر الزيارة إلى أن واشنطن التي عملت على تقليص عدد جنودها من أجل بقاء طويل الأمد، وفق منظور “كينيث ماكينزي” قائد القيادة الوسطى السابق، تعيد ترتيب بعض أوراقها، وأنها بصدد إعادة تثبيت تموضعها هناك، وأنها لن تتخلى عن تواجدها في منطق شمال شرق سوريا خدمة لأهدافها التي ذكرناها اعلاه.

وبعد كارث الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وتركيا، وإقدام واشنطن على تخفيف بعض القيود المتعلقة بالمساعدات، تؤكد زيارة ميلي أن النوايا الاميركية اتجاه دمشق وحلفائها لم تتبدل.

وفي اهداف أخرى، يتضح أن الأميركيين سيواصلون منطق المشاغبة، إن بالمباشر، او غير المباشر عبر تنظيمات ومجموعات منها مرتبط بداعش، وهو ما ارتفع منسوبه خلال الفترة الماضية.

وإن كانت الزيارة في جزء منها تستهدف توجيه رسائل إلى محور المقاومة، ال أنها لن تغير في توجهات قوى المحور ودوله، ولن تبدل في شكل قواعد الاشتباك في منطقة شمال شرق سوريا، الآخذة بالتبدل شيئا فشيئا، خاصة بعد الضربات المتتالية في “التنف” ( جنوب شرق سوريا) أو قواعد كونيكو والعمر النفطي في الشرق.
في المحصلة، ورغم مستوى الزيارة، يبدو واضحا أن لا موشرات على إمكانية خوض واشنطن مواجهة مباشرة أو رفع مستوى الاستفزاز إلى حد الاشتباك المحدود، لأن ذلك قد يؤدي إلى تغيير في قواعد الاشتباك لا يميل لمصلحتها.
لكن يمكن الحسم، من خلال متابعة الحركة الأمريكية هناك، أن واشنطن أرادت التأكيد على الاهتمام بتلك المنطقة وتثبيت الوجود، غير الشرعي، والمضي بمشروعها عبر دعم “حكم ذاتي” لقوى إنفاصلية، يخدمها في التحكم بكثير من المسارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى