تقدير “الواقع”: بعد وقف النار ماذا حقق العدو وأين أخفق؟
تقدير موقف – خاص الواقع
فجر الثلاثاء ٩-٥-٢٠٢٣، أقدم العدو في لحظة غادرة على اغتيال ثلاثة من قيادة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة مع عائلاتهم.
أراد العدو تحقيق أهداف عدة أبرزها:
- الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي وحصر الاشتباك معها وتحييد باقي الفصائل على رأسها حركة حماس.
- استعادة شيء من قوة الردع بعد تصاعد تصريحات الاسرائيليين أمنيين وسياسيين وعسكريين عن تآكل قوة الردع على جبهات عدة، منها غزة.
- الفصل بين الساحات، تحديدا بين غزة والضفة الغربية المحتلة.
- توظيف سياسي داخلي للهجوم يخدم توجهات بنيامين نتنياهو في مواجهة خصومه، وكذلك شد أزر ائتلافه الحكومي.
- إيصال رسائل إقليمية بأنه سيواجه “وحدة الجبهات” وسيعمل على تفكيكها، وهو ما يفسر فتح المواجهة مع حركة الجهاد الإسلامي.
كان العدو يأمل بجولة قتالية سريعة، وبنت المؤسسة الأمنية تقديراتها على رد سريع يأتي من قطاع غرة تنفذه حركة الجهاد الإسلامي، يكون نطاقه مستوطنات غلاف غزة أو أبعد بقليل. لكن تأخر الرد، وهو يعد ضربة أولى للتقديرات الإسرائيلية.
بعد 36 ساعة، بدأ رد المقاومة، لكن عبر غرفة العمليات المشتركة، التي أصدرت بيان أعلنت فيه بدء معركة “ثأر الأحرار”، وهو ما يعني أن الرد تبنته الفصائل كافة بيما فيها كتائب القسام.
وعليه، إذا ما أخذنا أهداف العدو من وراء العدوان، وما تحقق منها وما لم يتحقق، يتبين أن الإسرائيليين أخفقوا في جميع الأهداف باستثناء نجاحهم في اغتيال خمسة من قيادات سرايا القدس، لكن دون أن يؤثر ذلك في إدارة المواجهة وبقاء زمام المبادرة بيد المقاومة.
ويمكن تلخيص إخفاقات العدو الإسرائيلي بالتالي:
- أخفق العدو في الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي، وخيضت المواجهة من قبل غرفة العمليات المشتركة، بشكل يحاكي إمكانية توسعها.
- أخفق العدو في منع الصواريخ، والتي بقيت تتساقط حتى اللحظة الأخيرة، وطيلة أيام المواجهة كانت تطلق بدقة وفق سياسة وتكتكيات ممنهجة، وكذلك استخدام المقاومة صواريخ نوعية أثرت في موقف المفاوض الإسرائيلي.
- أخفق العدو في تحقيق أي نوع من تغيير معادلة وحدة الساحات بين الضفة الغربية المحتلة والقدس وبين قطاع غزة، وهو ما تجلى برسالة الصواريخ التي سقطة في القدس المحتلة.
- أخفق العدو في تحقيق أي نوع من قوة الردع في مواجهة المقاومة، وبقيت الأمور على حالها، ما يعني مزيدا من التآكل في قوة الردع الإسرائيلي لمصلحة المقاومة.
- فشل العدو وإخفاقه في توجيه رسائل إقليمية عبر استهداف الجهاد، وهو ما يمكن استنتاجه من إعلان السيد حسن نصرالله تقديم المقاومة في لبنان المساعدة والاسناد في حدود معينة للمقاومة في غزة، وإعلانه أيضا الاستعداد للإقدام على خطوة او خطوات في أي وقت تفرض المسؤولية ذلك على المقاومة.
- تمكن المقاومة من الإمساك بزمام المبادرة والتحكم بمسار المعركة، وكانت هي صاحبة الطلقة الأخيرة عبر موجات الصواريخ التي أطلقت على مدى 40 دقيقة، والمديات التي بلغتها، قبل دخول وقف النار حيز التنفيذ.
- فشل العدو في فرض شروطه على المقاومة، وتمكن الأخيرة من إلزام العدو القبول بوقف استهداف المدنيين وهدم المنازل، ووقف استهداف الأفراد في إشارة إلى وقف سياسة اغيتال المجاهدين.
في خلاصة التقييم، يمكن الإشارة إلى أن جولة الأيام الخمسة أثبتت أن عقارب الزمن لا يمكن أن تعود إلى الوراء، وأن المأزق الإسرائيلي يتعمق، وهو ما يمكن أن نرصده في المرحلة المقبلة وتقييمه أيضا.
يبقى القول إن الصراع بين العدو الإسرائيلي وقوى المقاومة ومحورها سيبقى مفتوحا، وقد يتصاعد في الجوانب الأمنية، وإمكانية التصعيد في أي من الجبهات أو في أكثر من جبهة تيقى قائمة وهي منوطة بالتصرفات الإسرائيلية.