تحليل | خاص – الواقع
لا شك أولا أنه من غير المستغرب أن يتمثل الحضور اليمني في القمة العربية في جدة السعودية بالمجلس الرئاسي المصنع أميركيا – سعوديا، خصوصا أنه يحظى باعتراف دولي مبرمج وفق الرغبة الأميركية، لكن المستغرب هو ما ورد في البيان الختامي حول الحل السياسي الشامل، وهو ما استوقف العديد من المراقبين.
فقد تطرق البيان الختامي، أو ما سمي “إعلان جدة”، إلى الأزمة اليمنية من خلا الناص التالي: “جدّدت الجامعة العربية التأكيد على دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216. كما جدّدت الجامعة الدعم لمجلس القيادة الرئاسي، في اليمن، لإحلال الأمن والاستقرار والسلام في اليمن، بما يكفل إنهاء الأزمة اليمنية”.
من الملاحظ أن ما ورد حول اليمن يحاكي النظرة السعودية القديمة، خصوصا مع ذكر “المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية” كمرجعية للحل بالإضافة إلى مخرجات الحوار الوطني في فترة ما بعد تنحي علي عبدالله صالح والتي نسفها العدوان السعودي نفسه، ثم القرار الدولي الصادر عام 2015 ويحمل الرقم 2216، والذي يفرق بين اليمنيين ويضع خارطة طريق تناسب الأميركيين ودول العدوان.
أيضا لوحظ كما هو وارد التأكيد على شرعية المجلس الرئاسي الذي خلف ما أسموه الشرعية اليمنية التي كان يرأسها عبد ربه منصور هادي الذي عاد عن استقالته بعد بدء العدوان.
إن النص الذي حاكى النظرة السعودية التي فشلت طيلة أعوام العدوان، والتي لم تعد تناسب واقع اليمن مع المتغيرات التي شهدها، لا يناسب مسار الحل الذي تزعم السعودية أنها بدأته في اليمن، وخاضت لأجله مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع صنعاء.
ومن الواضح أن الأزمة اليمنية تم ترحيلها إلى وقت لاحق نتيجة تشعبات عدة وكثرة اللاعبين هناك على رأسهم واشنطن وبريطانيا. كذلك يمكن تفسير ما ورد على أنه تراجعات سعودية عن كثير من التفاهمات حول الملف الإنساني، بغض النظر إن كان الأمر بسبب ضغوط ومتطلبات أميركية لا يمكن للرياض تحمل تبعاتها.
والأهم، أن المبادرة الخليجية كانت تحاكي مرحلة ما بعد تنحي صالح، وهي لم تعد صالحة للعمل منذ بدء العدوان، مثلها مثل مخرجات الحوار اليمني عام 2013 والتي لم تعد قابلة للتطبيق مع خلط الأوراق في اليمن، وباتت الحاجة أكثر لحوار يمني – يمني جديد يحاكي موازين القوى الجديدة على الأرض، والذي يمكن انطلاقه بإرادة يمنية خالصة، لكن بعد انسحاب القوات الغازية ووقف العدوان وليس في ظلها.
من المؤكد أن صنعاء تقييم الأمور، سواء فيما يتعلق بما ورد في بيان القمة العربية، خصوصا مع مروحة التهدئة التي تشهدها المنطقة، أو من خلال ما تلمسه من عدم تجاوب سعودي وتراجع عن التزامات تتعلق بالملف الإنساني كان قد تم التوصل إليها خلال زيارة الوفدين العماني والسعودي الى صنعاء قبل شهر ونصف الشهر من الأن.
وعليه، إن الساحة اليمنية لا زالت مفتوحة على الاحتمالات كافة، ويبقى لصنعاء الحق في اتخاذ أي خطوة تراها مناسبة ومن موقع الدفاع. ويجب التذكير بأن أي تصعيد تتحمل مسؤوليته دول العدوان على رأسها السعودية.