الاقليم

واشنطن تسحب الرياض نحو الإصطفاف ضد موسكو!

خليل نصرالله – كاتب مختص في الشؤون الإقليمية / خاص – “الواقع”

لطالما تحكمت واشنطن بسياسات المملكة العربية السعودية الخارجية. لم يتوقف الأميركيون يوما عن تحريض الرياض ضد إيران وخطر “الثورة” القادم من هناك. ويمكن لمس الاستجابة السعودية عبر مواقفها المتطرفة اتجاه طهران واتهامها بدعم أي حركة ثورية في المنطقة من بوابة زعزعة الاستقرار، وهو ما تتلاقى فيه الرياض مع “تل أبيب” التي تمكنت من استدراج دول عربية إلى “التطبيع” دون تمكنها من إقامة حلف يتخذ من طهران عدوا مشتركا.

التحكم الأميركي لا يقف عند هذا الحد، فقد عمدت واشنطن ولا زتلت، على تحريض دول خليجية وعلى رأسها السعودية من تطوير علاقتها بالصين.

خلال حضور نائب وزير “الدفاع” الأميريكي، كول كال، حوار المنامة في مايو من عام 2022، حذر الأخير “شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من جعل التعاون مع الصين في القضايا الأمنية وثيقاً للغاية”، معتبرا أن “هذا المستوى من التعاون قد “يضر” بتعاونهم مع واشنطن”.

صحيح أن الرياض أقامت حفلا ضخما عند استقبالها الرئيس الصيني، لكن بيان القمة حمل الكثير من العموميات ولم يبين أن السعودية قادرة على الذهاب نحو علاقات استراتيجية خارج اصطفافها ضمن محور تقوده واشنطن.

وفي أي صراع توجده واشنطن، تقوم بتطويع حلفائها والزج بهم إلى جانبها ووفق مصالحها، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال حربها في أوكرانيا التي أشعلتها انطلاقا من توسعها شرقا من خلال عدم تقديم ضمانات أمنية لموسكو.

في هذه الحرب، عملت واشنطن بداية على منح شركاء لها في الشرق الأوسط هامشا للحفاظ على علاقتهم بموسكو. لكن شيئا فشيئا يتضح أنه تعمل على الزج بهم ولو من بوابة الدعم “الانساني”، أو ربط مع يجري في أوكرانيا بقضايا نزاع في منطقة الشرق الأوسط.

الأسبوع الماضي، أصدرت الخارجية الأميركية بيانا اعتبرت فيه أن ما سمته “الشراكة الروسية الإيرانية تشكل تهديدا ليس لأوكرانيا فقط بل لجيران إيران في المنطقة”. هي بذلك كمن يوجه تحذيرا لتلك الدول على رأسها السعودية.

بعد أيام من التصريح الأميركي، حط وزير الخارجية السعودي في كييف والتقى الرئيس الأوكراني، معلنا من هناك تقديم 410 مليون دولار كمساعدات لأوكرانيا.

من الواضح أن المملكة العربية السعودية، التي لا قدرة لديها على تقديم التزامات في التفاوض القائم بينها وبين صنعاء، بفعل الدور الأميركي الضاغط، والتي قيدت يديها لاسناد سوريا في مواجهة كارثة الزلزال الذي ضرب شمالها، تسير وفق منهجية لا تصب في مصالحها. وأنها تتحرك وفق هامش أميركي يضيق شيئا فشيئا. بالتالي هنا يكمن السؤال الأبرز، هل تأخذ الرياض في الحسبان أن مواصلة السير بما يحقق مصالح واشنطن قد يضر بمصالحها هي، وعلى رأس تلك المصالح علاقاتها بموسكو؟

يمكن فهم خطوات السعودية، المباركة أميركيا، من منظور “الرهان على جانبين”، لكن الأكيد أنها لن تربح أقله عند الجانب الأميركي، لأن الأخير سيحصد الثمن – إن حققا نصرا – وحيدا، وسيبقى من طوعه تحت طوعه.

في المحصلة، من الواضح أن واشنطن تسحب الرياض إلى لعب دور سيء لا يصب في مصالحها، ومن واجب الأخيرة التنبه، إن كانت تملك القدرة على القول “لا” بوجه واشنطن ولو لمرة واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى