الاقليمايران

دعم “جبهة المقاومة” .. ثباتٌ إيراني

خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص – الواقع

عند انتصار الثورة الاسلامية في إيران عام ١٩٧٩، رفعت طهران القضية الفلسطينية شعارا ثابتا. أغلقت السفارة “الاسرائيلية” وحلت مكانها سفارة دولة فلسطين، واستقبلت قادة المقاومة منهم الراحل ياسر عرفات.
لاحقا، وفي وقت وجيز، اتضح النهج الايراني، دعم مفتوح لقوى المقاومة في المنطقة، من لبنان إلى فلسطين، والوقوف إلى جانب دول إقليمية ترفض التصالح مع العدو والمساومة على فلسطين وقضيتها، وهنا نقصد سوريا.
الدعم الإيراني، لم يكن في سبيل المصلحة المفرطة، بقدر ما هو مرتبط بالعقيدة والدين والوقوف إلى جانب الحق في مواجهة الباطل. لم يكن شعار دعم المستضعفين، بغض النظر عن انمتائهم الديني او المذهبي، مجرد فكرة بقدر ما هو نهج.
لم تبدل إيران نهجها طوال عقود من الزمن، وهي التي دفعت ولا زالت اثمانا باهظة لقاء ذلك.
بعد توقيع الاتفاق النووي عام ٢٠١٥، بين طهران و ٥+١، راهن كثيرون على تبدل في نهج طهران، أو أقله تقليصا لدعمها المفتوح لقوى المقاومة خاصة لبنان وفلسطين. سرعان ما تبددت هذه التحليلات لتظهر الحقائق وثوابت سريعا، مع تشديد المسؤولين الايرانيين على دعم جبهة المقاومة وتصعيد ذلك. كان الشهيد قاسم سليماني، وفي حركته بالمنطقة، عنوانا واضحا وترجمة فعلية للنهج الايراني.
واصلت طهران ذات السياسة، وهي مستمرة بها، لكن مؤخرا، خرجت تحليلات وتسريبات مفبركة تتحدث عن تراجع طهران عن دعم كبير لبعض حركات المقاومة. ليس ذلك فحسب، بل قال كثيرون إن طهران قد عقدت صفقة مع المملكة العربية السعودية تقضي بتخلي طهران عن الوقوف إلى جانب صنعاء، وممارسة ضغوط عليها لتقديم تنازلات للسعودية. قيل أيضا إن ذلك ما أدى إلى التفاهم بني الجانبين.
لم يتوقف هؤلاء عند تصريح وزير الخارجية السعودي الذي قال إن التفاهم مع إيران لا يعني حل كافة الخلافات. وهو ما فهم منه أن الاتفاق هو في إطار استعادة العلاقات وبدء حوار وليس نتيجة لأي شيء آخر.
آمال من تحدثوا في هذا الصدد، وبنوا تحليلات سرعان ما تبددت، مع تصريح هام للسيد علي خامنئي، في كلمة له بمناسبة عيد النيروز، قال فيه إن الشعب الإيراني قوي وسيواصل دعم جبهة المقاومة، مرحبا في الوقت ذاته بالعلاقات الجيدة مع دول المنطقة.
يفهم من تصريح السيد علي خامنئي، وهو المرشد الأعلى للثورة، أن طهران ليست بوارد عقد أي تفاهم على حساب مبادئها، أو حلفائها وشركائها في المنطقة، وأنها ماضية في دعم قوى المقاومة والوقوف إلى جانبهم إنطلاقا من ثوابتها، مع العلم أن إيران عرضة للعدوان وهي رأس حربة في مواجهة الإسرائيلي والعبث الأميركي.
وعليه، إن اشتباها يقع فيه كثيرون حين يقاربون علاقة طهران بحلفائها، لأسباب كثيرة. إن التفاهم مع دول المنطقة لا يعني التفريط بالمبادئ السيادية، خصوصا أن دعم إيران للمقاومات هو خطوة متقدمة عن دول المنطقة، التي من المفترض أن تبادر إلى دعم المقاومة التي تواجه العدوان الاسرائيلي لا أن تذمها.
إيران التي أغلقت الباب في وجه الأميركيين في فيينا مؤخرا، وسابقا في جينيف، أمام البحث في أي شيء خارج برنامجها النووي السلمي، هي ذاتها أغلقت الباب في محادثاتها مع السعودية أمام البحث في أي شيء عدا استعادة العلاقات وتطويرها.
وعليه، إن دعم المقاومة ثابت، بل في طور التطور، وهو خارج أي حسابات تفاوضية حاضرا ومستقبلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى